توسعت الهجمات بالمواد الكيمياوية ضد الفتيات في المدارس الإيرانية حتى صبيحة اليوم الأحد الخامس من مارس لتشمل أكثر من 33 مدينة وبلدة في 17 محافظة، وسط اتهامات من قبل سياسيين ونواب وناشطين لجماعات “متشددة ومتنفذة” قالوا إن هدفها الانتقام من انتفاضة “المرأة، الحياة، الحرية” التي هزت أركان نظام ولاية الفقيه خلال خمسة أشهر من الاحتجاجات العارمة.
وبعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على بدء الهجمات بالغاز على مدارس البنات في عدة مدن إيرانية، وصفها بعض أعضاء البرلمان بأنها “متعمدة” و”ذات طابع أمني”، إلا أن القضاء وسلطات الأمن والمسؤولين الحكوميين الذين وعدوا بفتح تحقيق لم يعلنوا حتى الآن عن أي تفاصيل حول هوية الفاعلين ونوعية المواد المستخدمة في الهجمات.
وبدل الاستجابة لأسئلة الأهالي الذين تجمعوا أمام مبني وزرة التربية والتعليم والبرلمان والمدارس التي تمت فيها الهجمات، قامت قوات الأمن بالاعتداء على ذوي الطالبات وتفريقهم بالقوة.
هذا ووصفت “جمعية المدرسين والباحثين في حوزة قم الدينية” الهجمات على المدارس وتسميم الطالبات بأنها “هجمات كيمياوية وبيولوجية”، وتهدف إلى “إثارة الرعب لمنع الفتيات من الدراسة” و”خلق الذعر والهلع”.
وحذرت الجمعية، المقربة من الإصلاحيين، السلطات الإيرانية من أنه في ظل “المشاكل المعيشية” و”عدم كفاءة الحكومة” و”أزمة شرعية النظام”، فإن مهاجمة المدارس وتسميم الطلاب “لن تؤدي إلا إلى زيادة استياء المجتمع الغاضب من الحكومة”.
من جهته، قال محمد رضا هاشميان، المتخصص في قسم الرعاية الخاصة بمستشفى “مسيح دانشوري” بطهران، في مقابلة مع صحيفة “هم ميهن”، إن الغازات المستخدمة في الهجمات ضد الطالبات لا يمكن الحصول عليها من قبل المواطنين العاديين.
هذا وذكرت مصادر إخبارية أن العائلات باتت تمتنع من إرسال بناتها المدارس في الكثير من المحافظات، حيث على سبيل المثال ذكر مصدر أن في مدرسة ابتدائية بمدينة اسلامشهر جنوب طهران، 10 طالبات فقط من بين حوالي 600 طالبة حضرن إلى الصفوف اليوم الأحد.
يذكر أن أول حالة تسمم جماعية حدثت في مدينة قم في نوفمبر الماضي، عندما نُقلت 18 طالبة إلى المستشفى بعد شكاوى من أعراض شملت الغثيان والصداع والسعال وصعوبة التنفس وخفقان القلب وخدر وألم في أيديهن وأرجلهن.
ولم يتمكن المسؤولون من تحديد سبب هذا التسمم والعديد من الحالات الأخرى بين الطالبات. لكن مع تصاعد احتجاجات ذوي الطالبات مع تكرار الحوادث المشابهة في أربع مناطق على الأقل (في العاصمة طهران وفي مدن أصفهان وأردبيل وبروجرد)، اضطرت السلطات إلى الاعتراف بوقوع الهجمات دون أن تبين ماهيتها.
وأظهرت لقطات فيديو نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي متظاهرين في طهران وهم يرددون شعارات مناهضة للنظام خلال الأيام الماضية، بما في ذلك “عدونا هنا وليست أميركا”، وذلك رداً على تصريحات المسؤولين الذين نسبوا الهجمات إلى “الأعداء” و”الجهات الخارجية” تهرباً من المسؤولية.
ويقول سياسيون وناشطون إن طريقة تعاطي السلطات مع الهجمات تعزز الشكوك والتهم حول تواطؤ أعلى هرم النظام مع الجماعات الفاعلة والتي تلتقي أهدافها معهم في إسكات وتخويف الفتيات بسبب دورهن البارز في حراك “المرأة والحياة والحرية”.