بعد 10 أشهر من مقتل مهسا أميني الذي تسبب في انتفاضة شعبية ضد نظام الجمهورية الإسلامية وتعليق عمل “شرطة الأخلاق” في المدن، أعلن المتحدث باسم الأمن الداخلي الإيراني، سعيد منتظر المهدي، عودة “شرطة الأخلاق” إلى الشوارع مرة أخرى.
وقال منتظر المهدي إنه “اعتبارًا من اليوم، سيتم تسيير دوريات آلية وراجلة في جميع أنحاء البلاد”، لمواجهة من يرتدون “ملابس غير عادية”. وفي حال مخالفة أمر الشرطة “سيتم اتخاذ إجراء قانوني”.
وأضاف ان عودة “شرطة الأخلاق” إلى الشوارع “جاءت بعد مطالب الشعب ومطالب مختلف الفئات والمؤسسات الاجتماعية وكذلك تأييد” إبراهيم رئيسي.
يأتي الإعلان الرسمي عن إعادة تسيير دوريات آلية وراجلة إلى شوارع المدن الإيرانية، بينما في الأسابيع الأخيرة وعلى الرغم من تقارير غير رسمية عن وجود قوات أمنية لفرض الحجاب الإجباري، فلم يتم الإعلان رسميا عن وجود “شرطة الأخلاق”.
يشار إلى أن مقتل مهسا أميني في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي بعد أن اعتقلتها “شرطة الأخلاق”، كان قد أدى إلى انتفاضة شعبية، وأثار موجة من الانتقادات لـ”شرطة الأخلاق”، حتى من قبل أعضاء البرلمان الإيراني.
وبعد أن تقدمت الشرطة الإيرانية بشكوى ضد النواب المنتقدين لـ”شرطة الأخلاق”، فقد قال النائب العام للبلاد، محمد جعفر منتظري، رداً على سؤال حول “شرطة الأخلاق”، في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، إن “شرطة الأخلاق ليس لها علاقة بالقضاء، وقد قامت الجهة التي أسستها بوقف نشاطها”.
وردا على تصريحات منتظري، أشارت منظمة العفو الدولية إلى “التصريحات الغامضة والمتناقضة للسلطات الإيرانية بشأن حل شرطة الأخلاق”، ودعت المجتمع الدولي إلى عدم الانخداع بهذه الادعاءات المشبوهة، لأن “النساء في إيران ما زلن يخضعن للاحتجاز التعسفي، بسبب عدم ارتداء الحجاب الإجباري”.
ومنذ الأشهر الأخيرة من العام الماضي، بدأت موجة أخرى من إغلاق المقاهي والمطاعم وغيرها من المحلات التجارية، بسبب الحجاب الإجباري. وفي أبريل (نيسان)، بدأ أحمد رضا رادان، قائد الشرطة، خطة جديدة لفرض الحجاب الإجباري، خاصة من خلال التعرف على النساء والفتيات وإيقاف السيارات باستخدام كاميرات المراقبة.
وهدد رادان بأنه في خطة الشرطة الجديدة لفرض الحجاب “يمكنكم التأكد من أن هذه الكاميرات لن ترتكب أية أخطاء”.
كذلك، مع بداية الصيف، هدد القائد العام للشرطة مرة أخرى النساء الإيرانيات بفرض الحجاب، ونشرت تقارير عديدة عن انتشار دوريات الشرطة في شواطئ البلاد وحدائقها.
وقال المتحدث باسم الشرطة، في أواخر يونيو (حزيران)، لوكالة “فارس” للأنباء إنه في الشهرين الماضيين، تم إرسال أكثر من 99 ألف رسالة نصية لأصحاب السيارات في إيران بخصوص الحجاب الإجباري.
وتأتي أنباء عودة دوريات الإرشاد إلى الشوارع في وقت صاغ فيه النظام مشروع قانون لتكثيف إجراءات فرض الحجاب الإجباري، المعروف باسم قانون “العفة والحجاب”. لكن وسائل إعلام حكومية، من بينها صحيفة “كيهان”، قالت إن مشروع القانون هذا ليس بالقوة التي تمكنه من التعامل مع “غير المحجبات”.
وكتب رئيس تحرير صحيفة “كيهان”، يوم الأربعاء الماضي: “إذا تمت الموافقة على قانون العفة والحجاب كما هو، فإن دوره في منع خلع الحجاب يشبه محاولة منع أضرار الفيضانات بسحب الأسلاك الشائكة!”.
يشار إلى أن تطبيق الحجاب الإجباري بدأ منذ بداية تأسيس نظام الجمهورية الإسلامية، وفي العقود الأخيرة، كانت دوريات “شرطة الأخلاق” تضايق النساء والفتيات الإيرانيات بشكل منهجي. لهذا السبب، طالما تعاملت منظمات حقوق الإنسان مع “شرطة الأخلاق” بوصفها علامة على انتهاك النظام الإيراني لحقوق المرأة.
ورداً على مقتل مهسا أميني وقمع الانتفاضة الشعبية ضد نظام الجمهورية الإسلامية، عاقبت الدول الغربية “شرطة الأخلاق” وقادة قوات الشرطة والباسيج والحرس الثوري الإيراني. إلا أن النظام زاد الضغط على المرأة لإلغاء الحق في حرية ارتداء الملابس، ويبدو أن هذه الضغوط ستزداد عشية الذكرى الأولى لمقتل مهسا أميني.
ومع ذلك، فإن الفتيات والنساء الإيرانيات لا ينتبهن لتهديدات النظام ويواصلن نضالهن المدني من خلال الظهور في الشوارع والأماكن العامة دون الحجاب الإجباري.
وفي حين تمت تسمية يوم الأربعاء 12 يوليو (تموز) “يوم العفة والحجاب” من قبل النظام، تم نشر عدة مقاطع فيديو من مدن مختلفة في إيران أظهرت العديد من النساء يسرن في الشوارع دون الحجاب الإجباري.