الانتصار الكبير في الزمن الصعب 13 – عوامل النصر العربي

الانتصار الكبير في الزمن الصعب (13) – عوامل النصر العربي

العامل الخامس : انكشاف زيف الدعاوى الغربية المنادية بحقوق الإنسان وحرياته!..

 لقد دعم الغرب الثورات التي قامت في البلاد العربية بحجة حماية حقوق الإنسان وحرياته! ، وضَغَطَ على الحكومات العربية وهدَّدها بالعقوبات الاقتصادية! ، والملاحقات السياسية! ، بل تدخل في بعضها بقواته ومخابراته! ، وبدعم الأحزاب التي تخدم توجهاته! ، وتحقق له تطلعاته!.

ورغم أن الغرب استخدم المنظمات الحقوقية! ، والحملات الإعلامية الموجَّهة إلى الشعوب العربية ؛ إلا أنه سرعان ما انكشف زيف الدعاوى الغربية المنادية بحقوق الإنسان وحرياته! ، فمع ثورة الشعب السوري الشقيق ورغم المجازر الوحشية التي ارتكبها النظام وبدعم وتدخل فارسي بغيض ؛ إلا أن الغرب لم يحرك ساكناً ، ولم يساند الشعب السوري سوى بتصريحات جوفاء من أجل ذرّ الرماد في العيون!.

كما أنه تدخل في ليبيا فلمَّا أُسْقِطَ النظام وقُتل القذّافي ، بادر الغرب بالسيطرة على النفط! ، واستغلال الثروات! ، وتركوا الشعب الليبي الشقيق يعاني الأمرين من الصراعات والحرب دون أن يقدّم الغرب للشعب أي معونة أو مساعدة ، أو محاولة لتقريب وجهات النظر بين الأطراف التي تكوَّنت بعد سقوط النظام ، ولم يسعَ الغرب إلى تحقيق تسوية تضمن للشعب الليبي الأمن والاستقرار! ؛ إنما تركوه لمصيره المؤسف المؤلم!.

وقل مثل ذلك في اليمن الشقيق ، فالغرب لم يُدرج جماعة الحوثي على قوائم الإرهاب رغم انقلابها على الحكومة الشرعية! ، ومصادرتها لحقوق الشعب اليمني وممتلكاته! ، ورغم مطالبات الحكومة الشرعية ودول الجوار التي تأذَّتْ بسبب أوضاع اليمن المأساوية! ، ولكن الغرب المنافق في تعاملاته مع الدول العربية! ، والمستفيد من اضطراب الأوضاع ، وتنامي الصراعات في إقليم الشرق الأوسط عموماً ، والدول العربية خصوصاً لم يبالِ بالأحوال الإنسانية الصعبة! ، ولم يستجب للنداءات الصادرة من الجهات الشرعية سواءً في الحكومة اليمنية ، أو من الدول العربية!.

وأكثر من هذا وقبله معاناة الشعب الفلسطيني منذ عشرات السنين التي عاش فيها القهر والذل! ، وضيم الاحتلال ومعاناته! ، وتعسفات العدو الصهيوني المجرم .. ورغم كل ذلك فالغرب المدعي أنه راعي الحقوق ، وحامي حريات الشعوب!! قد فشل أن ينصف الشعب الفلسطيني ولو لمرة واحدة في جلسات مجلس الأمن! ، أو مجلس حقوق الإنسان! ، أو الجمعية العامّة للأمم المتحدة! ، أو أن يُظهر يوماً انتصاره للحق متجرداً من أطماعه! ، أو أن ينصر من هُضِمَتْ حقوقه! ، وسُلِبَتْ إرادته ، أو انتُهِكَتْ سيادته بدافع إيمانه بالحقوق الإنسانية ، والحريات والقيم والمبادئ العالمية المشتركة التي يجب أن يُعامَل الناس بها على حدٍّ سواء من مبدأ الكرامة الإنسانية التي لا تُمَيِّزُ بين شعب وآخر!.. ولكن هيهات أن يُنصف الغربُ العربَ أو أن ينتصر لقضاياهم!.

لقد تراجع كثير ممن أيَّد الثورات في البداية بعد أن اتضحت له الرؤية ، وعلم أن الغرب يحاول أن يستخدم ثورات الشعوب العربية لتمزيق الدول العربية وإضعاف قدراتها! ، وانتهاك سيادتها! ، وفرض الأجندة والإملاءات الغربية عليها!.

فكان اتضاح الرؤية ، وانكشاف زيف الدعاوى الغربية عاملاً ساهم بتزايد في التصدي للمخطط الغربي الخطير على العالم العربي ولو بنسبة معيّنة أخذت تزاد شيئاً فشيئاً.

العامل السادس : تنامي الوعي ، وتوفر وسائل إعلامية تخاطب الناس بشكل متواصل ومتزامن مع لحظات حصول الأحداث وتطورها.

 ذكرت في العامل الخامس أن زيف الدعاوى الغربية انكشف لكثير من العوام ، فضلاً عن المتابعين والراصدين للتحركات الغرب المريبة أثناء فترة الاضطرابات والفوضى التي عمَّت العالم العربي!.

 ثم بدأ الوعي يتنامى ويزداد ، والمخططات الغربية تنكشف شيئاً فشيئاً! ، وكل بلد يعتبر ويتعظ بما يراه في البلدان الأخرى من الفوضى واختلال الأمن! ، وضيق المعيشة! ، وتدهور الأوضاع! في شتى مجالات الحياة.

وكما أنه وجدت قنوات إعلامية تضخُّ سيلاً من المعلومات المغلوطة! ، والأقوال المكذوبة ، والأحداث المفبركة! ، وقد حملت تلك القنوات الإعلامية راية التشويه المتعمّد للحقائق ، والتضليل المقصود لكل المتابعين! ؛ إلا أنه وُجِدَتْ وسائل إعلامية مقابلة ترد الشُّبَهَ ، وتجلِّي الحقيقة! ، وتقاوم التشويه والتضليل.

والإعلام سلاح فاعل يخدم من يجيد استخدامه وتوجيهه الوجهة الفاعلة والمؤثرة ، لا سيما إذا استخدم في التوقيت المناسب ، وبالطريقة الأنسب شكلاً ومضموناً ، وغُذِّيَتْ به الفئات المستهدفة بأسلوب يُمْتِع الأسماع! ، ويُحرِّك المشاعر والوجدان ، ويستنهض الهمم ، ويخاطب العقول ، ويراعي أفهام ومدركات الجمهور في الطرح والتوضيح والإقناع.

وبما أن المجتمع العربي قادة وعامة ، ساسة وجمهور ، أصبح يشعر بالقلق والخوف على أمنه واستقراره ووحدة ترابه! ، وتطلعات أجياله! فلا شك أنه بات يرصد التحركات! ، ويقيّم كل الرسائل الموجهة له!.. وبرز دور أهل التوجيه ، وصنّاع الوعي ! فخاطبوا الجمهور عبر كل القنوات الإعلامية المتوفرة والمؤثرة في كل بلد ، وفي كل شريحة ، وحصل التدافع في ساحة الفضاء المفتوح فتحقق قول الله تعالى:  ( وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ) .

وقوله تعالى: ( وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ).

وما زالت المعركة محتدمة ، وسنّة التدافع ماضية ، والعدو متربص! ، والأخطار محدقة ، والواجب على الأمة قادة وشعوباً أن يتقوا الله ويصلحوا ذات بينهم ، وأن يتمسكوا بالدين الحنيف عقيدة وشريعة ، وسلوكاً وتعاملاً في كل شؤون الحياة.

كما يجب على الأمة قادة وشعوباً أن يعلموا علم اليقين أن النصر والتمكين من الله عز وجل وحده ، وأن لذلك أسباباً يجب بذلها ، وشروطاً يتحتم وجودها ؛ لتتحقق سنّة الله في نصر أوليائه ، ومحق أعدائه.

ونحن أمّة أعزَّنا الله بالإسلام ، فإذا ابتغينا العزّة بغيره أذلَّنا الله ، أو وَكَلَنَا إلى أنفسنا وعدَّتنا ، وما تعلقنا به ، واعتمدنا عليه! ، وإذا حدث ذلك – لا قدّر الله – كانت الهزيمة والفشل والخسران.

الثلاثاء 24 ذو العقدة 1444ه.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

ابحث في الموقع

ترجمة - Translate