الانتصار الكبير في الزمن الصعب (7)
قادة النصر العربي
لقد كان هدف المخط الغربي ومازال هو تمزيق الدول العربية وإضعافها ، وتحويلها إلى دويلات ضعيفة خاضعة لا تملك من أمرها قُدرة على رد عدوان ، أو رفع ضيم نزل بها ! ، أو منع انتهاك لسيادتها! ، أو غير ذلك مما تتعرض له من أعدائها الكبار في الغرب ، أو أذنابهم من الصهاينة المتغطرسين ، والصفويين الحاقدين .
ولا شك أن الغرب وكل أعداء الأمة الحاقدين والمتربصين بها يدركون ما حبانا الله به من الخيرات الكثيرة ، والإمكانيات الهائلة التي هي هبة من الله وفضل ساقه لهذه الأمة ، ورحمة أنزلها ؛ لحكمة قدَّرها جلَّ في علاه ، فله الحمد والفضل والمنّة.
فدول الخليج العربي قد حباها الله من الخيرات ما جعلها محط أنظار الطامعين. وكل دولة عربية لديها من الخيرات والإمكانيات الشيء الكثير متى عرف قادتها وأبناؤها كيف يستثمرون ذلك لبناء الوطن وحفظ كيانه كعضو فاعل ومتفاعل بروح الفريق الواحد مع بقية دول الأمة لتحقيق النماء والرخاء ، ورد العدوان وقطع أطماعه ، ولا يمكن أن يتحقق شيء من ذلك إلا بالتعاون الصادق ، والتكامل النافع ، والتواصل الفعّال بين جميع الدول العربية لتحقيق ما يمكن تحقيقه من تبادل المنافع والفوائد بين الدول والشعوب ، ومحاولة استثمار التنوع بين الدول لتحقيق ما يمكن من الاكتفاء الذاتي العربي! ، مع فتح التعاون مع جميع دول العالم الإسلامي التي تنتمي للأمة عقيدة وكياناً ، ومشاعر وآمالاً ، وجميع دول العالم بخطة عربية تتناغم مساقاتها ، وتتكامل مساراتها ، وتتبادل الأدوار في تحقيق رؤية مرسومة ، لنهضة خطاها مدروسة ابتداءً ، وموضوعة تحت منظار النقد والتقييم والمتابعة.
ومما لا شك فيه أن الأزمات الكبرى التي تواجهها الأمة تبرز قادة أفذاذاً ، وساسة حكماء ، ينصر الله بهم الحق ، ويحفظ بهم كيان الأمة ، ويردُّ بهم عادية الأعداء ويفشل مخططاتهم ؛ لتبقى الأمة تؤدي رسالتها ، وتنشر ثقافتها ، وتحافظ على قيمها ، وتسهم في البناء الحضاري في كل مجالات الحياة.
وفيما يتعلق بالمشروع الغربي الذي استهدف الأمة في خطة ما يُسمى بالشرق الأوسط الجديد القائم على مبدأ ” صُنع الفوضى الخلاَّقة ” لتدمير المجتمعات العربية وتمزيقها ، والإطاحة بقيادات الدول العربية! ، وتغيير أنظمتها ، وإثارة الشعوب بشعارات برَّاقة ! لا تسمن ولا تغني من جوع ، ولا تُحقق أمناً ، ولا تبني وطناً ، ولا ترسم مستقبلاً مشرقاً لأحد! ، والأمثلة ماثلة لكل عاقل في العراق ، وسوريا ، وليبيا ، واليمن ، ولبنان ، والسودان!..
وفي المخطط الغربي لا شك أن عين واضعيه على الدول العربية الأكثر رخاءً واستقراراً ، ويتمنى خبثاء ذلك المخطط أن يصلوا إلى كل الدول العربية ليردوها في مستنقع الفوضى والتدمير ، والاقتتال المجتمعي ، والتناحر السياسي ؛ لشل حركتها! ، وتعطيل قدراتها! ، ولكن حكمة الله وقدرته تحول دون تحقيق أطماع الغرب في مخططه البغيض ، وذلك بوجود قادة عرب أقحاح ، نفوسهم مملوءة بعزة المؤمن الواثق بالله عز وجل ، وقلوبهم منطوية على شجاعة الآباء والأجداد ، وقد منحهم الله من الحنكة والدهاء والذكاء ما جعلهم يفوقون أعداءهم في كل ميدان! رغم قوة الأعداء ، وكثرة عددهم ، وقوة عدتهم!.
وسأذكر هنا أبرز القادة الذين حمى الله بهم كيان الأمة ، وردَّ كيد أعدائها فيما سُمي بثورات الربيع العربي:
أولاً: الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله تعالى.
فأول أولئك القادة الأفذاذ هو خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى ، فقد تصدى لذلك المخطط إبان اشتعال الثورات العربية المدعومة من القوى الغربية المتنفذة ، فوقف بكل قوة وحزم وشجاعة في وجه القوى الغربية مجتمعة بقيادة أمريكا واضعة الخطة ، وراسمة المخطط ، وداعمة منفذيه!.
وقد أفشل رحمه الله تعالى التخادم الصفوي الغربي في دولة البحرين الشقيق ، ثم مصر العربية الأبية!.
وكانت مواقفه وخطاباته التي سبق ذكرها في هذه السلسلة من المقالات معبرة عن شجاعته النادرة ، وقوة إيمانه بالله عز وجل ، مما جعل واضعوا المخطط الغربي يَخْنَسون ويتوارون عن المضي قدماً في تحقيق مخططهم بالشكل المكشوف الذي يُظهر نواياهم العدوانية تجاه الأمة العربية.
ثانياً: سمو الأمير سعود الفيصل رحمه الله تعالى.
فقد كان سموه وزير خارجية المملكة منذ عقود ، وكان سياسياً محنكاً ، له هيبة فريدة ، وقوة تأثير لا نظير لهما في المحافل الدولية! ، كان صادق العزيمة ، قوي الإيمان بالله عز وجل ، سريعة البديهة! ، ذا دهاء وذكاء يعترف بهما كل من عرفه ، أو تحاور معه.
يخشاه الساسة ، ويحترمه القادة ، ويجلّه الأصدقاء والأشقاء .. دؤوب في عمله ، معتز بدينه ، مخلص لأمته ووطنه ، متفان في تحقيق توجيهات قيادته الرشيدة بكل دقة وأمانة وإخلاص.
يُسخِّر نفسه لخدمة الأشقاء ، ويحمل همَّ قضايا الأمة الكبرى في كل المحافل الدولية ، كقضية فلسطين ، وقضية الشعب السوري الشقيق ، وغيرهما من القضايا التي يطول الحديث عنها وعن جهوده فيها!.
وكانت آخر صولاته وجولاته في خدمة قضايا الأمة الكبرى هي مواقفه من قضية التدخل الصفوي الفارسي في دولة البحرين الشقيق! ، وكذلك الضغوط الغربية على دولة مصر الشقيقة بعد ثورة 21/8/1434ه الموافق 30 يونيو 2013م ، وكذلك مواقفه لدعم الشعب السوري الشقيق! ، فقد كان في ذلك ينفذ توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله رحمهما الله عز وجل.
ومواقف سموه البطولية التي خدم بها الأمتين العربية والإسلامية في المحافل الدولية معروفة ، ويصعب حصرها أو سردها في مقال ؛ لأن حياته كلها عمل وجهاد وبطولة.
وما قام به الملك عبد الله بن عبد العزيز ، وصاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل رحمهما الله من تلك المواقف البطولية المشرّفة ، والتصدي الحازم والشجاع لكل مخططات الأعداء ، في ظروف شديدة الصعوبة ، وأحوال حالكة الظلام ، كل ذلك هو من توفيق الله ونصره وتأييده لهما ، ومن حسن الخاتمة التي رفع الله بها ذكرهما في العالمين ، فقد كانا يعانيان من وطأة الأمراض ، واعتلال صحتهما! ، ولكنهما وقفا وقفة الأسود الضارية عندما تدافع عن عرينها!.
فجزاهما الله عنا وعن الأمة والإسلام خير ما يجزي عبادة الصالحين ، وجمعنا بهما في جنات النعيم.
وللنصر الكبير حكاية تُروى في حلقة أخرى إن شاء الله.
الأحد 19 / 4 / 1444هـ