شكل إعلان وزيرة الداخلية البريطانية، بريتي باتل، مؤخرا، عن حظر حركة “حماس”، واتهامها بـامتلاك “قدرات إرهابية”، ضربة لتيارات ما يعرف بـ”الإسلام السياسي” والإخوان، لا سيما أن القرار صدر عن عاصمة مؤثرة في القرار الدولي؛ هي لندن.
وأشارت الداخلية البريطانية، في بيان، إلى “قدرات إرهابية واضحة لدى حماس تشمل امتلاك أسلحة كثيرة ومتطورة، فضلا عن منشآت لتدريب إرهابيين. لهذا اتخذت إجراءات لحظر حركة حماس بشكل كلي”.
وأضافت أن حظر حماس “سيبعث برسالة قوية للغاية إلى أي فرد، يعتقد أنه من المقبول أن تكون مؤيدا لمنظمة مثل تلك”.
تبعات مرتقبة
يرى المراقبون أن هذا القرار البريطاني، ستكون له تبعات على صعيد تشديد الخناق الدولي على حركات ما يعرف بـ”الإسلام السياسي” حول العالم، وفي مقدمتها جماعات الإخوان، كما أن الخطوة تعكس تنامي التذمر والقلق في مختلف الدول من المخططات والممارسات الإرهابية لهذه الجماعات.
ويقول نص ميثاق تأسيس حركة حماس، أن الحركة جناح من أجنحة الإخوان بفلسطين، وأن حركة الإخوان تنظيم عالمي ومن كبرى “الحركات الإسلامية” في العصر الحديث، حسب الميثاق.
للتعليق على تداعيات القرار البريطاني، أوروبيا وعربيا، وانعكاساته على جهود محاربة الإرهاب الدولية، يقول ماهر الحمداني، الصحفي والخبير في شؤون حركات “الإسلام السياسي”، المقيم في ألمانيا، في مقابلة مع موقع “سكاي نيوز عربية”، “القرار البريطاني جاء متأخرا، رغم أهميته البالغة، فلندن التي كانت تعتمد كتائب القسام الذراع العسكري لحماس كمنظمة إرهابية منذ زمن بعيد، ها هي الآن تلحق بها المكتب السياسي لتلك الحركة”.
وأعرب عن أمله في أن تكون الخطوة الأخيرة “بداية لتصحيح الرخاوة البريطانية المعهودة، في التعاطي مع جماعات الإخوان المتشددة في المملكة المتحدة، والتي طالما كانت مثار انتقاد، خاصة من قبل العديد من الدول العربية”.
وأردف أن لندن تساهلت مع وجود ونشاط الجماعات الإرهابية كجماعة الإخوان على أراضيها، كما تحتضن عددا هائلا من قيادات التنظيمات “الإسلاموية” الراديكالية، التي تؤمن باستخدام العنف لتحقيق غاياتها السياسية والسلطوية، وتوفر لهم مجالات العمل والانتشار والتعاملات المالية والبنكية.
وتابع الحمداني أن ما يظهر، في الوقت الحالي، هو أن لندن قررت أخيرا، الالتحاق بالركب العالمي المتعاظم في مناهضة الجماعات الإرهابية المتفرعة من الإخوان، التنظيم الأم لها، وتصحيح سياساتها الخاطئة والخطرة في هذا المجال.
وأضاف “على الصعيد الأوروبي العام، فحماس وحزب الله وغيرها من الحركات الإسلاموية المتطرفة، تصنف منذ أمد بعيد كلها كإرهابية، وفي هذا الإطار ، تعاظم الجهد الاستخباراتي والأمني المكثف لتحييد أنشطة هذه المجموعات في القارة الأوروبية، أقله منذ عقد من الزمن”.
انكشاف الغطاء
ومع انكشاف الغطاء تماما عن هذه الجماعات بعد أحداث ما سمي “الربيع العربي”، بات واضحا بحسب الخبير في شؤون المجموعات الإرهابية “أن هذه الجماعات تمارس لعبة التقية المعروفة بها، فما إن تصل إلى السلطة حتى تكشف عن حقيقتها الإرهابية العارية، لأنها لا تختلف عن أي حركة إرهابية ديدنها القتل والترويع”.
وبالتالي، فإن التضييق اليوم على أشده، ضد هذه الجماعات المتشددة أوروبيا، سواء على المكاتب أو الأعضاء أو القيادات، في ميونيخ وبرلين ولندن وباريس، وفي كل مكان من أوروبا.
ويقول الحمداني إن العمل جار لتعقب هذه الجماعات ومراقبتها وكشف حساباتها واتصالاتها، “فيتم حجز من تثبت نواياه وممارساته الإرهابية من أنصارها وحركييها، وهذا كله من حسن حظ الشعوب والمجتمعات العربية، ولا شك في كون هذه التيارات المتطرفة ستفقد بذلك ورقة توظيف الساحة الأوروبية لتنظيم وتمويل مجهوداتها الإرهابية الموجهة نحو المنطقة العربية بالدرجة الأولى”.
وعن تأثير حظر حماس في بريطانيا، على واقع ومستقبل الحركات الإخوانية والمتطرفة الرديفة لها، يجيب الباحث المتخصص “بالنسبة لحظر حماس في بريطانيا واعتبارها منظمة إرهابية، فإن هذا سينعكس ايجابا ولا ريب على العالم العربي، فلو صدر هذا القرار قبل بضعة سنوات مثلا، لكانت بادرت مع الأسف عدد من الدول العربية للتنديد به والتضامن مع حماس.
واستطرد الباحث “لم تقف مع حماس الآن سوى حركات متطرفة مشابهة لها كالحوثيين في اليمن وهيئة علماء المسلمين في العراق، ذلك أن حقيقة حماس باتت مكشوفة للبلدان والشعوب العربية، كما أن شعاراتها ثبت زيفها وتوظيفها من قبل تلك الحركة لتحقيق مآربها السلطوية والإخوانية”.
وقال إنه حتى داخل قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس بالقوة، تعلو الكثير من الأصوات هناك المطالبة بالتخلص من قبضة الحركة الخانقة على الناس، “لأن الفلسطينيين في غزة تستخدمهم حماس كدروع بشرية ليكونوا ضحايا مغامراتها الطائشة ومعاركها الخاسرة، ومن يدفع الثمن هم سكان غزة الأبرياء”.
محاصرة الإخوان
من جانبه، يقول الكاتب والباحث، طارق جوهر، في لقاء مع موقع “سكاي نيوز عربية”، “هذه خطوة إيجابية بدون شك لصالح محاصرة تيارات التطرف الإخوانية، التي تسيء إلى الدين الإسلامي الحنيف وتوظفه لخدمة أجنداتها الظلامية والانقلابية والإرهابية، وخاصة في البلدان العربية وبدعم من قوى إقليمية طامعة في تلك البلدان، وهادفة للسيطرة عليها عبر بيادقها الإخوانية، كما هو الحال مع حركة حماس”.
ويضيف الباحث السياسي “حماس شوهت القضية الفلسطينية وأساءت لها عبر سياساتها المشبوهة، وعلاقاتها مع القوى المتطرفة المشابهة لها والتي يعتبرها العالم تهديدا وجوديا للسلام والأمن والتعايش، كما أنها تتحالف تحت ستار المتاجرة بفلسطين، مع قوى إرهابية تسعى لزعزعة استقرار دول المنطقة والعالم، وتتدخل في شؤونها وهذا ما بدا جليا خاصة مع بداية موجة ما سمي “الربيع العربي”، الذي حاول عبره تنظيم الإخوان الإرهابي السيطرة على العديد من دول المنطقة العربية.
ويضيف جوهر “بريطانيا دولة محورية في النظام الدولي، وقرارها هذا سيكون محطة فاصلة في التضييق على الإرهاب الدولي ومحاصرته وتجفيف منابعه ومصادره ووقف تمويله، سياسيا وماديا وفي كافة المجالات”.
أما الباحث والصحفي المختص في شؤون الجماعات الإرهابية، جمال عزيز، فقال في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن “أحجار الدومينو الإخوانية ستتساقط واحدة تلو الأخرى، فحظر حماس بشكل كامل بشقيها السياسي والعسكري في بريطانيا وغيرها من كبرى دول العالم، مؤشر حيوي على أنه لا مستقبل ولا مكان لتنظيم الإخوان العالمي، وأن مصيره المحتوم هو الانكفاء والاندثار”.
ويتابع الباحث الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية “حظر حركة حماس وملاحقتها قانونيا، حول العالم يصب بالدرجة الأولى في صالح الفلسطينيين ومجمل الشعوب العربية والإسلامية، كونه يسهم في قطع دابر هذه التنظيمات الظلامية التي تسعى لقولبة المجتمعات العربية والإسلامية، وتدميرها وتحويلها ميدانا لتجارب حكمها الفاشلة والمستبدة”.
وأردف أن “إلقاء نظرة سريعة على نماذج حكم الإسلام السياسي المأزومة بين ظهرانينا، تكفي لتبين مدى حجم الخطر الداهم الذي تمثله تنظيمات الإخوان وشبيهاتها، على حاضر ومستقبل شعوبنا وبلداننا”.