مع استمرار الاحتجاجات في إيران وسط حملة القمع العنيفة التي تشنّها السلطات منذ أسابيع محاولة وقفها، بدأت بعض الفظائع تتكشف.
فقد نفذت قوات الأمن الإيرانية، مجزرة مروّعة أواخر الشهر الماضي، حين أطلقت النار على مصلين في منطقة زهدان ما تسبب بمقتل ما يقارب 100 مصل وإصابة العشرات، بحسب ما روى شهود عيان.
“مذبحة كاملة الأوصاف”
وأكد جمشيد، الشاب البالغ من العمر 28 عاماً، والذي كان من بين المصلّين، أنها كانت مذبحة فعلاً، مشيراً إلى أن قوات الأمن بدأت إطلاق النار بشكل عشوائي بينما كانت رؤس الناس تنحني للصلاة، بحسب ما نقلت عنه صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية.
كما أوضح أن مجموعة صغيرة من المصلين كانت خرجت في ذلك اليوم من المسجد الكبير في زاهدان وهي مدينة في جنوب شرق إيران تضم أقلية البلوش العرقية، لمواجهة قوات الأمن المنتشرة في مركز للشرطة في الشارع المقابل، وبينما ردد المتظاهرون هتافات مناهضة للحكومة ورشقوا الضباط بالحجارة، اندفعت قوات الأمن إلى إطلاق النار بشكل عشوائي على الحشد.
ومع تفرق المتظاهرين، طاردت الطلقات النارية انسحابهم نحو الجامع، حيث كان الآلاف ما زالوا يصلون.
لم يجدوا مخرجاً من الموت
إلى ذلك، أضاف الشاب الذي عرّف باسمه الأول فقط تجنباً للانتقام، أن ما جرى كانت “مذبحة كاملة الأوصاف لم يشاهدها حتى بالأفلام.
كما تابع أن الشبان ألقوا بأنفسهم أمام الأطفال وكبار السن لحمايتهم من الرصاص، في حين لم يجد الناس مخرجاً من الموت.
وشرح أن الناس بدأوا بحمل الجثث بينما كان آخرون على سجادات الصلاة، موضحاً أن الجامع تحوّل بدقائق إلى مسرح رعب، حيث أطلقت قوات الأمن الرصاص والغاز المسيل للدموع.
على الرؤوس والقلوب
إلى ذلك، أكد 10 من سكان زاهدن، بينهم شهود ونشطاء وأفراد عائلات ضحايا، وطبيب ساعد في علاج أكثر من 150 شخصا من الجروح أن قوات الأمن أطلقت النار بشكل عشوائي على المتظاهرين العزل والمدنيين بالرصاص والغاز المسيل للدموع كما تم نشر طائرات هليكوبتر في تلك الليلة.
وأفاد شهود آخرين بأن الناجين بدأوا تكديس الجثث في السيارات وعلى سجادات الصلاة التي كانت تستخدم كنقالات ليتم استهدافهم في الشوارع.
في حين أكد رجل الدين حامد أن معظم الرصاصات استهدفت رؤوس وقلوب المصلين.
وحاول بعض الجرحى الزحف بعيدا هربا من الرصاص بينما نزف آخرون حتى الموت على سجادات الصلاة وسط محاولة الناس جر المصابين إلى بر الأمان.لكن القناصين والضباط استمروا في اطلاق النار على الرجال والصبية الصغار في المسجد والمنطقة المحيطة والتي كانت تقام فيها صلاة الجمعة.
وفي أحد مقاطع الفيديو، شوهد رجال يبدو أنهم قناصون بملابس مدنية على سطح مركز الشرطة يطلقون النار في الشارع.
“الجمعة الدامية”
يشار إلى أن الحرس الثوري كان أطلق النار على المصلين في منطقة زهدان يوم 30 سبتمبر/أيلول الماضي، ما تسبب بمقتل 100 مصل وإصابة العشرات..
وقد مثلت تلك المذبحة التي أطلق عليها السكان اسم “الجمعة الدامية”، أخطر عمل حكومي منذ بدء حملة قمع المظاهرات في جميع أنحاء البلاد قبل شهر، حيث قُتل ما بين 66 إلى 96 شخصا خلال ساعات، وفقاً لجماعات حقوق الإنسان المحلية والدولية، بما في ذلك منظمة العفو الدولية.
يشار إلى أن الاحتجاجات بدأت منتصف سبتمبر الماضي، بعد وفاة الشابة مهسا أميني إثر اعتقالها من قبل شرطة الأخلاق بتهمة انتهاك قانون الحكومة بشأن الحجاب.
إلا أن التظاهرات توسعت لتشمل دعوات أوسع لإسقاط نظام الحكم في البلاد، وسط سخط دولي وصل لفرض عقوبات بسبب حملة القمع العنيفة التي تنفّها قوات الأمن الإيرانية لقمع الاحتجاجات السلمية منذ أسابيع.