نقلاً عن العربية نت
شكّل الواقع المالي المصرفي ومكافحة الفساد وتبييض الأموال وتمويل الإرهاب محور لقاء مصرفي عن بُعد جمع وكيل وزارة الخزانة الأميركية للإرهاب والاستخبارات المالية، بريان نيلسون، بمجلس إدارة جمعية المصارف في لبنان، قبل أيام.
وقد دعا نيلسون المصارف اللبنانية والمؤسسات الحكومية إلى المشاركة في “التغيير” من خلال معالجة الفساد ومنع حزب الله من إمكانية الوصول إلى النظام المالي اللبناني، بحسب البيان الذي وزعته جمعية المصارف.
تدابير أكثر فاعلية أو العقوبات!
ولعل الأهم في الاجتماع كان تشجيع المسؤول الأميركي المصارف اللبنانية على اتخاذ تدابير أكثر فاعلية لحماية النظام المالي في لبنان من الفساد من خلال القيام بالتدقيق المالي حول حسابات الشخصيات البارزة سياسياً وتحديد مصادر أموالها، مذكّراً بأن المصارف التي لا تتخذ التدابير اللازمة قد تكون عرضة للعقوبات.
في الإطار، أوضح مصدر مصرفي لـ”العربية.نت” “أن “اجتماعاتنا مع مسؤولين في وزارة الخزانة الأميركية كانت تُخصص لبحث الإجراءات التي نتخذها كقطاع مصرفي لمكافحة الإرهاب وتبييض الأموال. لكن لقاءنا الافتراضي الخميس ناقش مسألة جديدة مرتبطة بمحاربة الفساد، ومنع السياسيين الفاسدين من التسلل للقطاع المصرفي للاستفادة من خدماته”.
“اعرف زبونك”
كما أشار إلى أن “نيلسون شدد على ضرورة الالتزام بمبدأ اعرف زبونك، والمعروف باسم اعرف عميلك (Know your customer)، أو ببساطة KYC، أي التحقق من هوية العُملاء وتقييم مدى ملاءمتها”.
كذلك أوضح أن “نيلسون تحدث هنا عن الإجراءات التي اتخذتها الخزانة الأميركية في أكتوبر الماضي بحق 3 أفراد، من بينهم جهاد العرب وداني خوري، الذين اتكلوا على علاقاتهم بساسيين بارزين لتحصيل أموال طائلة، واستخدام النفوذ للحصول على عقود مع الحكومة اللبنانية، التي كلّفتها أموالاً طائلة مقابل مشاريع غير مجدية. كما تم وضع عقوبات على النائب جميل السيد الذي استخدم نفوذه كنائب للاحتيال على النظام المصرفي اللبناني، وتحويل 120 مليون دولار من أمواله وأموال شركائه إلى الخارج”.
إغلاق حسابات
ولفت المصدر إلى “أن مصير الحسابات المصرفية لهؤلاء الثلاثة يُبحث من قبل وحدة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان، ومسألة إغلاق حساباتهم تخضع لنوعيتها”، إذ يجب الفصل بين الحسابات المَدينة والحسابات الدائنة قبل إغلاقها نهائياً”.
أتى هذا الاجتماع الافتراضي كبديل عن اللقاءات المباشرة التي كانت تحصل في وقت سابق بواشنطن بين وفد من جمعية المصارف اللبنانية ومسؤولين في وزارة الخزانة الأميركية للبحث في الواقع النقدي والمالي في لبنان ومدى امتثال البنوك اللبنانية لإجراءات محاربة الفساد وتبييض الأموال.
إلا أنه وبسبب انتشار جائحة كورونا والتطورات التي شهدها لبنان منذ أكتوبر 2019 لم تُعقد اجتماعات مباشرة فاستُعيض عنها بلقاء عن بُعد.
جمعية “القرض الحسن”
وبعد بيان جمعية المصارف، كان لافتاً تطرق المسؤول الأميركي إلى قضية جمعية “القرض الحسن” التابعة لـ”حزب الله” وضرورة مكافحة نشاطاتها، ما يوحي بأن بريان نيلسون “غير راض” عن إجراءات المصارف بمواجهة نيات الحزب التسلل إلى القطاع المصرفي واستخدامه كـ”وسيلة” لتدفق الأموال إليه.
في السياق، كشف المصدر المصرفي: “أبلغنا نيلسون التزامنا بإجراءات مكافحة الإرهاب ومنع حزب الله أو أي جمعية مرتبطة به الاستفادة من خدمات القطاع المصرفي”. وأكد: “لا تربطنا أي علاقة بجمعية “القرض الحسن”، لافتاً إلى أنها “باتت اليوم “منافسة” للقطاع المصرفي اللبناني، حيث تقدّم القروض وتُصدر الشيكات وتضع الدولارات في صرافها الآلي”.
كما أضاف أن “مكافحة نشاطات “القرض الحسن” ليست من مسؤولية القطاع المصرفي، وهذا ما قلناه لمسؤول وزارة الخزانة الأميركية، وإنما هي من مسؤولية الدولة التي تسمح بتوسّع نشاطات هذه الجمعية من خلال إنشاء فروع لها في مناطق لبنانية عدة”.
على لائحة الإرهاب
يذكر أنه منذ أبريل 2016 صنفت الولايات المتحدة “القرض الحسن” على لائحة الإرهاب لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة “حزب الله” وتُقدم الدعم له.
وتغيب الجمعية عن لائحة المصارف المُرخصة من قبل مصرف لبنان وتكتفي بترخيص من وزارة الداخلية اللبنانية، حصلت عليه سنة 1987 بموجب علم وخبر 217/أ.د. ومع أن لديها نشاطاً مصرفياً رئيسياً، كتقديم القروض الصغيرة الحجم ولآجال قصيرة مقابل رهن الذهب، غير أنها لا تخضع لقانون “النقد والتسليف” اللبناني.
تضاعف نشاطها رغم الأزمة
يشار إلى أنه رغم استفحال الأزمة الاقتصادية والمعيشية على اللبنانيين إلا أن نشاطات “القرض الحسن” لم تتوقّف بل تضاعفت.
وأشارت وزارة الخزانة الأميركية في بيان العام الماضي إلى أن “القرض الحسن” تنقل الأموال بشكل غير مشروع من خلال حسابات وهمية أو ما يُعرف بـ”حسابات الظل” لدى مصارف لبنانية ليتم عبرها إجراء المعاملات نيابة عن حزب الله، الأمر الذي أقحمه في قلب القطاع المالي اللبناني وأعطاه تدفقاً مستمراً للعملة الصعبة.
ومنذ أن فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على المصرف اللبناني الكندي عام 2011 بتهمة استخدام حساباته من جانب أشخاص ناشطين في تجارة المخدرات والسلاح لمصلحة حزب الله، إضافة إلى غسل الأموال، ثم في العام 2019 مصرف “جمّال ترست” وشركات تأمين تابعة له، لاتهامه بتقديم خدمات مالية لحزب الله وانتهاكه قوانين غسل الأموال، وُضع القطاع المصرفي اللبناني تحت المجهر الأميركي لمنع تحوّله إلى مصدر لتمويل نشاطات حزب الله من خلال استخدامه حسابات وهمية لغسل الأموال.