تسلّلت الانشقاقات إلى داخل اللجنة العسكرية المشتركة 5+5، المكلفة بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا، بعد مطالبتها السلطات السياسية بتجميد كافة الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي أبرمتها الحكومة السابقة مع أي دولة.
ووجهت اللجنة العسكرية خطابا إلى المجلس الرئاسي طلبت فيه منه تجميد الاتفاقات ومذكرات التفاهم العسكرية “مع أي دولة كانت”، وآخر إلى رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، طالبت فيه بضرورة تعيين وزير للدفاع، كما دعت كذلك في مراسلة، البعثة الأممية إلى ممارسة الضغط على أعضاء ملتقى الحوار السياسي لإصدار إطار دستوري للانتخابات المقرر إجراؤها في 24 ديسمبر.
هجمة إخوانية
وبعد هذه المطالبات، تعرضت اللجنة العسكرية إلى هجوم واسع وانتقادات حادة من قبل قيادات أمنية وعسكرية وميليشيات مسلحة موالية لتنظيم الإخوان، انتفضت من أجل الدفاع عن الاتفاقية الأمنية الموقعة بين ليبيا وتركيا، وهو ما دفع عددا من أعضاء اللجنة العسكرية الممثلين للمنطقة الغربية إلى التراجع عن هذه المطالب والخضوع لهذه الضغوطات، وأبدوا في المقابل مواقف متحفظة تجاهها، في مؤشر على تسلل الانشقاقات والخلافات والاختلافات في وجهات النظر إلى داخل اللجنة.
وفي هذا السياق، أكد عضو اللجنة اللواء مصطفى يحيى، الذي يشغل أيضا وظيفة مقرر اللجنة، والذي أكد أنه لم يشارك في الاجتماع الأخير بسبب مرضه، عدم موافقته على مضامين البيانات والخطابات التي صدرت عن اللجنة خلال الأيام الماضية، والتي قال إنها “لم تلتزم بالعمل”.
واعتبر يحيى في خطاب وجهه إلى اللجنة العسكرية، أن البيانات الأخيرة تعدّ “انحرافا عن مسار عملها الفني إلى المسار السياسي، وهو ما يجعلها “موضع شك وتخوين”، ويبعدها عن “الحياد والنظر المتوازن لجميع الأطراف”.
من جانبه، تقدمّ عضو اللجنة العسكرية، اللواء ركن الفيتوري اغريبيل، بالاعتذار إلى ما يسمّى غرفة “بركان الغضب” وإلى المجلس الرئاسي ورئيس الأركان وآمر المنطقة العسكرية الغربية أسامة الجويلي، عما ورد في البيان الأخير من اللجنة والذي طالب بتجميد الاتفاقيات العسكرية بين ليبيا والدول الأخرى، وتعيين وزير للدفاع والضغط على ملتقى الحوار السياسي لإقرار القاعدة الدستورية. وقال في بيان، إن ما حصل هو “خطأ” ناتج عن الظروف الصعبة التي تعمل فيها اللجنة العسكرية، مع استمرار وجود أطراف تدعو إلى التقسيم وخرى إلى إغلاق النفط وقفل المياه، بالإضافة إلى تحدي إخراج المرتزقة الأجانب من ليبيا، داعيا المجلس الرئاسي إلى تجميد أعمال اللجنة أو تغيير مكان انعقادها، في صورة ما إذا كان هناك خلل في عملها.
انقسام وانشقاقات
وأثار البيان الأخير للجنة انقساما في ليبيا بين داعم لمضامينه، فيما تعرض إلى هجوم من تنظيم الإخوان، بعد دعوته المباشرة لتجميد الاتفاقيات الأمنية والبحرية التي أبرمها رئيس الحكومة السابق فايز السراج مع أنقرة.
وفي هذا الجانب، دعا المجلس الأعلى للدولة، اللجنة العسكرية الليبية المشتركة 5+5، إلى “الالتزام باختصاصها والنأي بنفسها عن الحديث بالشأن السياسي والاتفاقيات الدولية”، معتبرا أن الاتفاقيات الأمنية والحدودية التي أبرمتها حكومة السراج، كانت “تعبيرا عن إرادة الدولة الليبية ومن السلطة الشرعية صاحبة الاختصاص الأصيل”.
من جانبها، عبّرت غرفة رئاسة الأركان العامة بالجيش التابعة لمعسكر الغرب عن استغرابها إزاء خطوات هذه اللجنة وخطاباتها الأخيرة، والتي اعتبرت أنها “لا تخدم حالة السلم السياسي والمجتمعي”.
كما اتهمت اللجنة بالانحياز لصالح طرف دون آخر، والتدخل في الشؤون السياسية وتعديها لصلاحياتها، ورأت أن أي اتفاقيات موقعة من قبل حكومة الوفاق الوطني “لا يمكن إلغاؤها أو تعديلها أو إجراء تعديلات عليها إلى حين إجراء انتخابات “.
كما رفض آمر غرفة العمليات المشتركة بالمنطقة الغربية أسامة الجويلي، طلب لجنة 5 + 5 تجميد الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي أبرمتها الحكومة السابقة، مشيرا إلى أن “الاتفاقية مع تركيا جاءت بناء على طلب حكومة معترف بها دوليا للمساعدة في صد الهجوم على طرابلس”.
وسبق أن وقعت حكومة الوفاق اتفاقية أمنية وعسكرية مع تركيا، سمحت لأنقرة بالتدخل عسكريا في ليبيا وإغراقها بعشرات الآلاف من المرتزقة، دعما لقوات الوفاق في مواجهة هجوم شنه الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر على طرابلس في 2019.
في المقابل، أشادت أحزاب وتنظيمات سياسية، في بيان مشترك، بـ”المواقف الوطنية” للجنة العسكرية، وأكدت تأييدها للمطالب التي وردت في بيانها الأخير والقاضية بتجميد الاتفاقيات العسكرية الأجنبية في كل أنحاء ليبيا، خاصة مع تركيا وروسيا، ومطالبتها باتخاذ التدابير اللازمة لإتمام خروج المرتزقة وكل القوات العسكرية الأجنبية، ودعوتها إلى إقرار القاعدة الدستورية، وتحذيرها من انهيار وقف إطلاق النار في حال تعطلت الانتخابات.