شهد الأسبوع الماضي ما يبدو أنها مواجهة هوليوودية بين السفن الحربية الأميركية وزوارق صغيرة إيرانية، وحاول الإعلام الإيراني إبراز ما حدث يوم 24 أكتوبر على أنه انتصار للحرس الثوري الإيراني على البحرية الأميركية. أياً كانت التفاصيل، فما حدث هو تصعيد متجدد من قبل الإيرانيين ضد الأميركيين.
الرصد الأميركي
مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية تحدّث حول تفاصيل ما حدث، وكشف أن أجهزة الرصد الأميركية كشفت يوم 24 أكتوبر قوات من الحرس الثوري الإيراني تخرج من المياه الإقليمية الإيرانية إلى المياه الدولية، فأرسلت القيادة الأميركية قوات رصد جوّي إضافية لمراقبة ما يحاول الإيرانيون فعله، وتأكد الأميركيون حينها أن الزوارق السريعة الإيرانية تتجه في خليج عمان إلى ناقلة تبحر في المياه الدولية.
وأكد المسؤول في وزارة الدفاع الأميركية، أن القيادة الإقليمية طلبت من سفينتين حربيتين أميركيتين الاقتراب من المنطقة للتأكد مما يحدث، خصوصاً أن قوات الحرس الثوري الإيراني قامت من قبل بمهاجمة سفن وناقلات نفط من مختلف الجنسيات في تلك المنطقة، كما أنها زرعت متفجرات في صيف العام 2019 على جسد سفن عديدة كانت في المياه الدولية، كما أنها سيطرت على سفن أخرى وأرغمتها على الإبحار إلى المياه الإقليمية الإيرانية.
لم يطلبوا المساعدة
وأكد المسؤول في البنتاغون أن السفن الأميركية تأكدت من هوية السفينة، وهي ناقلة تحمل العلم الفيتنامي، كما شاهدت البحرية الأميركية الزوارق السريعة الإيرانية تقترب من السفينة المدنية، وأن عناصر من الحرس الثوري الإيراني يصعدون إلى السفن.
وأكد مسؤول دفاعي أميركي آخر، تابع عن قرب ما يحدث بين السفن الأميركية والزوارق الإيرانية والناقلة التي تحمل العلم الفيتنامي، أن طاقم السفينة المدنية لم يطلب مساعدة القوات الأميركية لمواجهة الحرس الثوري الإيراني، كما أن السفينة المدنية لم تطلق نداء استغاثة عندما كان عناصر الحرس الثوري الإيراني يسيطرون على السفينة.
مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية أكد أن قائد السفينة الحربية الأميركية وقيادته الإقليمية اعتبرا في هذا الوقت أن لا ضرورة لديه للتدخّل.
انتقاد الأميركيين
تعرّضت الولايات المتحدة لانتقادات شديدة بسبب عدم تدخّلها في تلك الأثناء، خصوصاً أن ما قام به الحرس الثوري الإيراني هو سيطرة بالعنوة، وأن عناصر الزوارق السريعة الإيرانية سيطروا بشكل غير قانوني على ناقلة مدنية تبحر في المياه الدولية، وقد أكد جون كيربي، المتحدث باسم البنتاغون، أن سيطرة الحرس الثوري على الناقلة “غير قانوني”.
كرر المسؤولون الأميركيون لدى حديثهم أن كل ما حدث ينصبّ في خانة الدعاية الإيرانية، ويدافعون عن عدم تدخّل البحرية الأميركية لـ”إنقاذ السفينة” بالقول إن البحرية الأميركية “ليست منتشرة حول العالم للقيام بدور الشرطي” بل للمساعدة في حماية الممرات الدولية، وليس المطلوب الحصول على نتيجة مئة في المئة، بل إن القيادات البحرية الأميركية عليها أن تقدّر المواقف.
تصعيد مدروس
هناك الكثير من المؤشرات إلا أن الإيرانيين نصبوا فخّاً للقوات الأميركية، وكانوا يريدون بالفعل وقوع اشتباك. لا يؤكد مسؤول في البنتاغون أن ما حصل كان بالفعل فخّاً إيرانياً تحاشته القوات الأميركية، لكنه أشار إلى أن ما حدث “كان مدروساً بشكل جيّد من قبل الإيرانيين وعلى مستوى عال في الهرمية العسكرية وربما السياسية أيضاً”، لأن ما حدث بحسب تصريحاته لـ”العربية” و”الحدث” كان يحتاج إلى تنسيق أعمال قطاعات عسكرية إيرانية عديدة.
ما يثير الانتباه الآن أن الإيرانيين وبعد مرحلة من الهدوء والامتناع عن التحرش بالقوات البحرية الأميركية في الخليج العربي، عادوا الآن إلى مشاكستها، وأكد مسؤول أميركي لـ”العربية” و”الحدث” أن القوة الضاربة “ايسيكس” تعرضت لمشاكسات من قبل الإيرانيين خلال خروجها الأسبوع الماضي من الخليج العربي، وأن الإيرانيين استعملوا المسيرات للتحليق على مسافة قريبة جدا من سفن البحرية الأميركية.
إنه تصعيد
ليس لدى المسؤولين الأميركيين تفسير واضح لهذه التصرفات الإيرانية لكنهم لاحظوا أن الإيرانيين امتنعوا عن مشاكسة القوات البحرية الأميركية منذ أشهر ويعود آخر الحوادث إلى الربيع الماضي، ويشيرون إلى أن الأسباب تعود ربما إلى المفاوضات وتوقفها والآن إمكانية العودة إليها، لكنهم يعتبرون الآن أن ما حصل ليس صدفة أو قراراً اتخذه ضابط صغير في الحرس الثوري الإيراني عند مشاهدة القطع البحرية الأميركية.