من مطالبته قبل أيام بحل الميليشيات والفصائل المسلحة الخارجة عن إطار الدولة والحشد الشعبي، إلى اتهامه بعض الجهات والمجموعات بتهديد المفوضية العليا للانتخابات، من أجل تغيير النتائج النهائية والتأثير بالتالي على تشكيل “حكومة الأغلبية” التي نادى بها سابقا، فتح زعيم التيار الصدري في العراق، مقتدى الصدر باب الصراع على مصراعيه بينه وبين الميليشيات الموالية لإيران.
وتعليقاً على تلك التطورات، رأى مراقبون أن تأكيد الصدر على موضوع حل الفصائل وتسليم سلاحها سيزيد من حدة التوتر بين الطرفين، فضلاً عن زيادة مخاوف الإطار التنسيقي من تفرد زعيم التيار الصدري بالحكومة، وإقصاء خصومه من المناصب العليا.
فيما أشار آخرون إلى أن تصعيد الصدر يهدف إلى “محاصرة خصومه سياسيًا” ودفعهم للتنازل، معتبرين أن شروطه المتزايدة هذه أتت ردًا على مطالبات الإطار التنسيقي إلغاء بعض نتائج الانتخابات.
توتر مقلق
في المقابل، أكد سياسيون عراقيون أن “الفصائل الولائية”، كما تعرف محلياً نسبة إلى ولائها لإيران، ستتعنت في مواقفها، ما سيعقد بالتالي جهود الصدر لتشكيل الحكومة بعد الانتخابات، وقد يزيد أيضا من التوترات بين أنصار تلك الفصائل وأنصار الصدر نفسه.
بدوره، رأى الباحث في شؤون الجماعات المسلحة والمحلل الاستراتيجي العراقي رعد هاشم في حديث للعربية.نت أن الواقع بين الطرفين يشي بتوتر كبير وصراع مقبل، لاسيما مع وجود عوامل أخرى إلى جانب مسألة النتائج الانتخابية والحكومة، ألا وهي الاستخفاف بقدرات التيار الصدري.
كما اعتبر أن “مسألة الفساد” أيضا تزيد من الاحتقان بين الجانبين، موضحاً أن إشارة الصدر إلى ما يحدث في الموصل من قبل هذه الميليشيات دليل على أنها ترتكب الكثير من الفساد والسرقة هناك.
إلا أن الهاشم استبعد على الرغم من ترجيحه ارتفاع التوتر في البلاد، الاقتتال.
خروج من المأزق
من جانبه رأى المحلل السياسي العراقي، شاهو القرداغي، للعربية.نت أن التصعيد المتبادل بين الصدر والفصائل والميليشيات الموالية لإيران نتيجة طبيعية لتطور الأحداث بعد الانتخابات، وخاصة عقب مطالبة الصدر بتسليم السلاح.
كما اعتبر أن دعوة الصدر بغض النظر عن مواقفه المتناقضة، أحرجت تلك الفصائل المسلحة بصورة كبيرة، ما دفعها للتصعيد خلال اليومين الماضيين.
إلا أنه أكد أيضا أن جميع الأطراف تُدرك خطورة التصادم المسلح وتأثيره السلبي على المصالح والمكاسب، التي تم تحقيقها خلال الفترة الماضية، لذا ستضغط الفصائل لمنع تهميشها خلال الفترة القادمة، سعيا لاستعادة بعض المقاعد فقط، مضيفاً “هذا ما تحقق بعد عودة عدة مقاعد للفصائل المسلحة على حساب المستقلين، مما يعني أن جميع الأطراف متفقة على الخروج من هذا المأزق بأقل الخسائر الممكنة!
يذكر أن الانتخابات التشريعية التي جرت في العاشر من أكتوبر 2021، دفعت التيار الصدري إلى طليعة الحائزين على النسبة الأكبر من المقاعد النيابية، إذا حصد نحو 73 مقعداً، فيما اقتصر عدد مقاعد تحالف الفتح الممثل لفصائل الحشد الشعبي على 17، بتراجع كبير عن انتخابات العام الماضي.
ومنذ ذلك التاريخ، تصاعدت انتقادات الفصائل للانتخابات، كما صعدت لهجتها ضد المفوضية، مطالبة بإلغاء النتائج أو إعادة الفرز.