على الرغم من التفاؤل الحذر الذي أبداه معظم المشاركين في المحادثات النووية مع إيران في العاصمة النمساوية فيينا، فإن عددا من الدبلوماسيين الأوروبيين تلقوا على ما يبدو تعليمات من عواصمهم في الأسابيع الأخيرة بالاستعداد لإعادة فرض عقوبات على إيران.
فقد تلقى هؤلاء تلك التعليمات مؤخرا استعدادا لاحتمال فشل مفاوضات فيينا، وبالتالي إعادة تفعيل ما يعرف بـ “آلية الزناد”، وهي آلية الضغط القصوى التي فرضت خلال السنوات الماضية على طهران، جراء عدم التزامها ببنود الاتفاق النووي لاسيما منذ العام 2018 إثر الانسحاب الأميركي من الاتفاقية، بحسب ما أفادت مجلة “فورين بوليسي”.
من العقوبات إلى العمل العسكري
في السياق، أكد مسؤول أميركي كبير أن أمام إيران أسابيع وليس أشهرًا، للتوصل إلى اتفاق أو تقليص أنشطتها النووية من أجل تجنب مواجهة احتمال اتخاذ تدابير قسرية متصاعدة، من عقوبات إضافية إلى التهديد بعمل عسكري.
وكانت الإدارة الأميركية برئاسة جو بايدن، أكدت أكثر من مرة مؤخرا، نيتها تشديد الخناق الاقتصادي على إيران إذا لم تتمكن المحادثات التي استؤنفت في 27 ديسمبر، من إعادة إيران إلى الامتثال الكامل للاتفاقية.
فيما أطلق أندريا جاكي، رئيس مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بوزارة الخزانة، جهودا مكثفة خلال الأسابيع الماضية من أجل تعزيز إنفاذ العقوبات الأميركية الحالية المفروضة على السلطات والشركات الإيرانية، منبها العديد من الجهات الدولية لضرورة الالتزام بتلك العقوبات.
جولة أخيرة
يذكر أن الجولة الثامنة التي انطلقت قبل يومين في فيينا يتوقع أن تكون الأخيرة، وقد تستمر أسابيع عدة، إلا أن عدة مصادر دبلوماسية أوروبية كانت حذرت مؤخرا من أن الوقت ينفد.
كما أفادت مصادر لـ “العربية” أمس الثلاثاء بأنه إذا لم يتم التوصل لاتفاق خلال 4 أسابيع فإن ذلك يعني أنه لن يكون هناك إحياء للاتفاق النووي على الإطلاق.
وكانت طهران أبرمت مع الدول الست الكبرى (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا) عام 2015، اتفاقاً بشأن برنامجها النووي، ما أتاح حينها رفع الكثير من العقوبات التي كانت مفروضة عليها، مقابل الحد من أنشطتها النووية وضمان سلميتها.
إلا أن مفاعيل الاتفاق باتت في حكم الملغاة منذ 2018 بعدما انسحبت الولايات المتحدة منه أحادياً في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب وأعادت فرض عقوبات اقتصادية قاسية على طهران.
فيما تراجعت السلطات الإيرانية تدريجياً عن تنفيذ غالبية الالتزامات الأساسية التي نص عليها الاتفاق المذكور، إلا أن إدارة بايدن أبدت رغبتها بالعودة للاتفاق بشرط أن تعود إليه إيران أيضا، وقد بدأت الدولتان فعلاً في نيسان/أبريل الماضي (2021) مفاوضات غير مباشرة بوساطة أوروبية لإعادة إحياء خطة العمل المشتركة.
وقد عقدت لهذا الهدف 7 جولات سابقة، توصلت إلى تفاهمات حول عدد من القضايا، فيما بقيت بعض المسائل الشائكة عالقة على رأسها العقوبات والضمانات، قبل أن تستأنف الجولة الثامنة في 29 نوفمبر الماضي (2021).