فرض الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب أكثر من 1000 عقوبة على إيران، عندما كان رئيسا، لكن قد تكون إحداها “حبة سم” تفسد جهود خليفته لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 المصمم لمنع إيران من صنع قنبلة ذرية.
وسحب ترمب الولايات المتحدة من الاتفاق في 2018 وأدرج الحرس الثوري الإيراني، وهو ذراع قوية للنظام الإيراني على القائمة السوداء كمنظمة إرهابية أجنبية في عام 2019. والآن وصلت المفاوضات الهادفة إلى تجديد الاتفاق النووي إلى طريق مسدود بشأن العقوبات مع مطالبة إيران برفع تصنيف الحرس الثوري من لائحة الإرهاب وفقًا لمسؤول حالي وثلاثة مصادر مطلعة على المناقشات أبلغت شبكة “NBCNews” الأميركية.
وأوضحت المصادر أن المناقشات بين إيران والقوى العالمية اقتربت بشكل مثير من إبرام اتفاق في أواخر فبراير، لكنها تعثرت بعد أن أثارت روسيا مخاوف جديدة وسط ضغط المسؤولين الإيرانيين من أجل رفع التصنيف الإرهابي عن الحرس الثوري الإيراني.
وعرضت إدارة الرئيس جو بايدن اقتراحًا برفع التصنيف مقابل تأكيدات من إيران بعدم الانتقام من المسؤولين الأميركيين لمقتل الجنرال الإيراني الأبرز قاسم سليماني في عام 2020 في غارة جوية أميركية بطائرة مسيرة في بغداد، حسبما أفادت المصادر لشبكة “NBC News”.
لكن إيران رفضت الاقتراح، وردت قبل نحو أسبوعين باقتراح مضاد، وما زالت تفاصيله غير واضحة. وقالت المصادر إن إدارة بايدن لم ترد بعد بشكل رسمي على الاقتراح الإيراني المضاد. وقال مصدر مطلع على المناقشات أن “الكرة في ملعب بايدن”.
والآن يناقش مسؤولو الإدارة كيفية المضي قدمًا، مدركين أن رفع تصنيف الحرس الثوري من قائمة الإرهاب سيثير رد فعل كبير في الكونغرس وبين الحلفاء في الشرق الأوسط. وقال علي فايز، من مجموعة الأزمات الدولية، وهي مؤسسة فكرية: “ليس هناك شك في أن هذا فخ ترمب لبايدن”.
وأشار مسؤول أميركي رفيع في إدارة بايدن إلى أن “الأمر متروك لإيران لحل المأزق.. لقد أوضح الرئيس أنه سيفعل ما هو في مصلحة أمن الولايات المتحدة والعبء هنا يقع في الحقيقة على إيران في هذه المرحلة، لا سيما فيما يتعلق بهذه المسألة”.
واتهم منتقدون إدارة ترمب بفرض عقوبات سامة والتي من شأنها أن تجعل من الصعب على الرئيس المقبل استعادة الاتفاق. لكن المسؤولين في ذلك الوقت قالوا إن العقوبات تهدف إلى ضرب إيران كجزء من حملة “الضغط الأقصى” لفرض المزيد من التنازلات من طهران وإضعاف النظام.
صفقة محتملة
ويقول مسؤول أميركي حالي ومصدران مطلعان على الموضوع إن الإدارة ليست مستعدة لرفع تصنيف الحرس الثوري من قائمة الإرهاب دون أن تقدم إيران شيئًا ذا قيمة مماثلة في المقابل.
وسبق أن رفضت إيران مقترحات أميركية بإجراء محادثات بشأن برنامج إيران الصاروخي أو إجراءاتها في الشرق الأوسط. ومن وجهة نظر واشنطن، فإن مكانة الحرس الثوري لا علاقة لها بالاتفاق النووي، وبالتالي يتطلب من إيران تقديم تنازلات في قضايا أخرى.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية إنه إذا كانت إيران تريد رفع العقوبات التي “تتجاوز خطة العمل الشاملة المشتركة، فسوف تحتاج إلى معالجة مخاوفنا فيما وراء خطة العمل الشاملة المشتركة”.
تهديدات متبادلة
وفي الذكرى الثانية لاغتيال سليماني، تعهد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي وخلفه الجنرال إسماعيل قاني بالانتقام من ترمب ومسؤولين سابقين آخرين لاستهدافهم الجنرال الإيراني.
كما فرضت إيران “عقوبات” على أكثر من 50 أميركيًا قالت إنهم مرتبطون بمقتل سليماني، والذي وصفته بأنه عمل “إرهابي”. وشملت القائمة مسؤولين كبارا سابقين في إدارة ترمب وكبار ضباط الجيش، بما في ذلك رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، الجنرال مارك ميلي والرئيس السابق للقيادة المركزية الأميركية الجنرال فرانك ماكنزي.
ورد جيك سوليفان مستشار الأمن القومي لبايدن ببيان غير عادي، قال فيه إن الولايات المتحدة ستحمي جميع الأميركيين الذين يواجهون تهديدات من إيران وحذر طهران من أنها ستواجه “عواقب وخيمة” إذا هاجمت أي أميركي.
إيران تواصل نشاطاتها الإرهابية
وفي تقييمها السنوي للتهديدات الصادر الشهر الماضي، قالت وكالات المخابرات الأميركية إن إيران ستستمر في تشكيل تهديد للأميركيين بالتخطيط لهجمات إرهابية وإن طهران لا تزال ملتزمة بتنمية شبكات داخل الولايات المتحدة.
وعلى عكس التصريحات العلنية للمسؤولين الأميركيين حول خطر انهيار المحادثات النووية، قال المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي، إن المفاوضات النووية “تتقدم بشكل جيد”.
وعلق هنري روما، نائب رئيس الأبحاث والمحلل الإيراني في مجموعة أوراسيا، “يبدو أن إيران واثقة من أن لها يدًا تفاوضية قوية وأن بإمكانها انتزاع المزيد من التنازلات من الغرب، لقد استقر اقتصادهم بشكل كبير وبرنامجهم النووي يواصل التقدم بلا هوادة لذلك أعتقد أنهم واضحون تمامًا أنهم ليسوا يائسين في هذه المرحلة. وأعتقد أنه من المحتمل أنهم يحاولون استخدام ذلك لصالحهم لمعرفة ما يمكنهم الحصول عليه، خاصة في ضوء الحرب في أوروبا وارتفاع أسعار الطاقة”.