على الرغم من أن اختطاف الأطفال لأغراضٍ مجهولة بينها الاتجار بالأعضاء كان يتمّ في سوريا نتيجة الفوضى الأمنية التي تلت الحرب، إلا أن تلك الظاهرة انتقلت إلى تركيا على ما يبدو، لاسيما مؤخرا بعد الزلزال المدمر الذي ضرب كلا البلدين المجاورين فجر السادس من فبراير.
فقد استغلت بعض العصابات “الفوضى التي حصلت خلال الزلزال” لخطف بعض الأطفال السوريين والأتراك على حدٍّ سواء، من مستشفياتٍ وملاجئ كانوا يقبعون فيها بعد خروجهم من بيوتهم، بحسب مصدر من وزارة الخدمات الاجتماعية والأسرة في تركيا.
صفة الأقارب
ولم يقدّم المصدر التركي أي إحصائية لعدد الأطفال المخطوفين، لكنه أشار إلى أن ما لا يقل عن 1362 طفلاً فُصِلوا عن عائلاتهم نتيجة الزلزال وقد وقع بعضهم في فخ العصابات التي كان أفرادها ينتحلون صفة الأقارب لاستمالة الأطفال وسط انشغال السلطات الأمنية مع فرق الإنقاذ ومحاولاتها في إخراج العالقين من تحت الأنقاض.
وأفشلت الشرطة التركية منذ السادس من فبراير الجاري، مخططات 48 شخصاً على الأقل عندما تمكّنت من اعتقالهم حينما كانوا يحاولون سرقة المنازل المهجورة جرّاء الزلزال، وأيضاً عند محاولاتهم نقل أطفالٍ من ملاجئ ومستشفيات إلى أماكنٍ أخرى، وفق ما ذكرت وسائل إعلامٍ تركية حكومية بينها وكالة “الأناضول”.
ومن المحتمل أن تكون نسبة الأطفال السوريين المختطفين لدى تلك العصابات أكبر من نظرائهم الأتراك باعتبار أن الولايات التي شهدت دماراً كبيراً كان يعيش فيها مئات آلاف اللاجئين السوريين الذين يتجاوز عددهم عدد السكان الأصليين في بعض المناطق التركية، كما هي الحال في ولاية أنطاكيا، على ما أفاد مصدر تركي آخر من الولاية لـ “العربية.نت”.
تشتت شملهم
كما أوضح المصدر المتعاون مع وزارة الأسرة أن الأطفال السوريين تشتت شملهم خاصة أن أغلبهم يقيم مع والديه في حين لا أقرباء لهم في الداخل التركي، وهو ما جعلهم فريسة سهلة لعصابات الخطف التي تمكنت منهم بفعل الفوضى الأمنية التي تلت الأيام الأولى بعد الزلزال.
ولا تقتصر ظاهرة خطف الأطفال السوريين على الجانب التركي فقط، ففي سوريا أيضاً انتشرت هذه الظاهرة خاصة في المناطق المتضررة من الزلزال والتي تتنوع فيها الجهات العسكرية المسيطرة عليها، كما حصل في مدينة عفرين حينما حاولت قبل أيام، مجموعة مسلّحة اختطاف الطفلة المعجزة التي وُلِدت تحت الأنقاض من مشفى داخل المدينة الواقعة شمال غربي البلاد، لكنها فشلت في ذلك وتمّ تسليم الصغيرة “عفراء” لاحقاً لأفرادٍ من عائلتها.
10 أطفال خطفوا خلال شهرين
ومع أن بعض حالات الاختطاف تفشل أحياناً، لكن العصابات تنجح في أحيان أخرى مثلما حصل في مدينة حماة يوم 24 فبراير الجاري، حيث قامت امرأة بخطف طفل عقب ولادته بساعات من مشفى الأسد الطبي، وفق ما أورد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وفي هذا السياق، أكد رامي عبدالرحمن الذي يدير المرصد لـ”العربية.نت” أن “ظاهرة خطف الأطفال متواجدة بالفعل في سوريا، وهناك عشرة أطفالٍ على الأقل اختطفوا من مختلف مناطق البلاد منذ بداية عام 2023 الجاري”.
وتشمل الإحصائية التي قدّمها عبدالرحمن، فقط الحالات التي تمّ توثيقها بالاسم والأماكن التي اختطفوا فيها.
أما عام 2022 فقد خطف بحسب بيانات المرصد، 59 طفلاً في عموم المناطق السورية دون أن تطلب العصابات التي اختطفتهم من ذويهم دفع فدى مالية لإطلاق سراحهم، ما أدى لقطع التواصل بين الصغار وعائلاتهم.
وكانت منظمات حقوقية تركية وسورية منها “مركز عدالة لحقوق اللاجئين” قد حذّرت سابقا من اختطاف الأطفال عقب الزلزال الذي ضرب كلا البلدين. إضافة إلى منظماتٍ تهتم بالأطفال كمؤسسة “Save The Children” البريطانية غير الحكومية.
كما طلبت المنظمات المحلية والدولية من السلطات الأمنية والمستشفيات، ضرورة التأكّد من هوية الأشخاص الذين ينوون اصطحاب الأطفال معهم من الملاجئ والمراكز الطبية عقب إخراجهم من تحت الأنقاض.