تلقّت الرواية القائلة بأن الجيش الأوكراني يتجه نحو انتصار مؤكد ضد روسيا ضربة قوية مؤخراً. وقبل أسبوعين أفاد فرانك لانجفيت من شبكة NPR بأن كلاً من أوكرانيا وروسيا قد خسرتا في الحرب الدائرة أفضل قواتهما تدريباً وخبرة.
وبعد عام من القتال، تعتمد كلتا القوتين الآن بشكل كبير على المجندين وهو تطور يعطي أفضلية لروسيا نظراً لأن موسكو لديها عدد أكبر من الأشخاص الذين يمكنها استدعاؤهم أكثر من كييف.
وفي هذا السياق، بحث تحقيق موسع نشرته صحيفة “واشنطن بوست” بشكل أعمق هذه القضية، ونقلت أجواء التشاؤم والخوف اللذين يجتاحان صفوف الأوكرانيين.
وقال ضابط برتبة مقدم في الجيش الأوكراني عُرّف باسم “كوبول” للصحيفة إن كتيبته في وضعها الحالي لا تشبه أبداً المجموعة التي بدأ معها. وأضاف: “من بين حوالي 500 جندي، قُتل ما يقرب من 100 في القتال وجرح 400 آخرون، ما أدى إلى دوران وتغيير كامل في العديد”.
وقال كوبول إنه بات العسكري المحترف الوحيد في الكتيبة، وشرح معاناته من أجل قيادة وحدة “مؤلفة بالكامل من قوات عديمة الخبرة”.
كما قال مسؤول أوكراني رفيع للصحيفة: “ليس لدينا أشخاص أو أسلحة.. وعندما تكون في موقف هجومي، تخسر ضعف أو ثلاثة أضعاف عدد الأشخاص.. حالياً لا يمكننا تحمل خسارة هذا العدد الكبير من الناس”.
أما كوبول فقال: “الشيء الأكثر قيمة في الحرب هو الخبرة القتالية.. الجندي الذي صمد لمدة ستة أشهر من القتال والجندي الجديد الذي جاء من ميدان الرماية هما جنديان مختلفان.. إنه كالفرق بين السماء والأرض”. وأضاف كوبول: “لا يوجد سوى عدد قليل من الجنود ذوي الخبرة القتالية.. ولسوء الحظ، كلهم قتلوا أو جرحوا بالفعل”.
وقدّر المسؤولون الأميركيون والأوروبيون أن ما يصل إلى 120 ألف جندي أوكراني قتلوا أو جرحوا منذ بدء الحرب في فبراير من العام الماضي، مقارنةً بحوالي 200 ألف على الجانب الروسي، الذي يضم جيشاً أكبر بكثير، كما يبلغ عدد سكان روسيا ثلاثة أضعاف أوكرانيا تقريباً.
ولمنع الإحباط، تحافظ أوكرانيا على سرية أعداد الضحايا، وتخفيها حتى عن أشد مؤيديها في الغرب. وبصرف النظر عن الإحصاءات، أدى تدفق المجندين عديمي الخبرة الذين تم جلبهم لسد الخسائر، إلى تغيير في قوة أوكرانيا العسكرية، التي تعاني أيضاً من نقص أساسي في الذخيرة بما في ذلك قذائف المدفعية وقذائف الهاون، وفقاً لما يؤكده أفراد الجيش في الميدان.
وأدت هذه التقييمات إلى انتشار تشاؤم ملموس، وإن لم يكن معلناً في الغالب، من الخطوط الأمامية إلى أروقة السلطة في العاصمة كييف. ويظهر أن عدم قدرة أوكرانيا على تنفيذ هجوم مضاد من شأنه أن يغذي انتقادات جديدة بأن الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين انتظروا طويلاً قبل دعم كييف، حتى تدهور الجيش الأوكراني بالفعل.
وفي هذا السياق، قال مايكل كوفمان من وكالة الأنباء المركزية في الولايات المتحدة، الذي سافر مؤخراً إلى أوكرانيا، إن تقرير “واشنطن بوست” يصور بدقة الوضع على الأرض، مشيراً إلى أن هناك واقعية داخل القوات الأوكرانية.
من جهته، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي للصحفيين يوم الثلاثاء رداً على سؤال من موقع “بوليتكو”: “قد يكون لدى الروس عدد أكبر من السكان وعديد أكبر للقتال، لكنهم يعانون من الخسائر البشرية بمعدل أعلى بكثير من الأوكرانيين”. كما أكد أن الأوكرانيين “يتعاملون مع مستوى احتياجاتهم من القوى المقاتلة ببراعة لا يتم تقديرها بالكامل”، مشيراً إلى أن كييف يمكنها سحب الكتائب الكاملة من ساحة المعركة للتدريب في أماكن مثل الولايات المتحدة.
أما يوجين تشاوسوفسكي، كبير المديرين في معهد نيو لاينز للأبحاث، فقال إن الجيش الأوكراني يواجه تحديات في شن هجوم مضاد ضد روسيا وعانى من معدلات إصابات عالية.
وتابع: “من ناحية أخرى، لأوكرانيا أيضاً مصلحة في لعب مثل هذه التحديات لتأمين دعم عسكري أكبر من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، وربما حتى استخدامه كتكتيك إعلامي للتخلص من الروس”.
في موازاة ذلك روسيا أيضاً تعاني وتسعى جاهدة للحصول على قذائف المدفعية. وقد ذكر تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال” أن “المحللين يقدرون أن روسيا تطلق حوالي 10 آلاف قذيفة في اليوم، بانخفاض من 20 إلى 30 ألف في الصيف الماضي – لكن لا يزال هذا العدد أعلى بكثير من الـ3000 قذيفة التي تطلقها أوكرانيا”.