عملت الولايات المتحدة منذ أسابيع على مواجهة خطر الحوثيين وتهديداتهم للملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، ولعل أفضل مؤشّر على تقدّم العمليات الأميركية البريطانية هو بيانات هيئة الرقابة البحرية البريطانية التي عادة ما تُعلن عن هجمات أو تهديدات للملاحة الدولية
فخلال يومي 9 و10 من هذا الشهر، أعلنت الهيئة البريطانية أنها لم تتبلّغ أي بيانات عن تهديد للسفن التجارية.
آخر هجمات بحرية
أما آخر تهديد فكان يوم 6 فبراير، حيث وقعت انفجارات على مقربة من إحدى السفن، من دون الإبلاغ عن أضرار.
في المقابل أصدرت القيادة المركزية الأميركية سلسلة بيانات عن قصف استهدف منصات وصواريخ متعددة، تمّ ضربها قبل أن يطلقها الحوثيون.
خطر الحوثي تراجع
فبعد شهر من بدء العمليات المشتركة ضد الحوثيين، يستطيع الأميركيون وباقي المتحالفين معهم أن يقولوا إن العملية تحقق تقدّماً وإن خطر الحوثيين على الملاحة الدولية يتراجع.
فقبل يومين، قدم المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية إحصاء لمجمل العمليات، قائلا إن القوات الأميركية قصفت وعطلت 100 صاروخ ومنصة إطلاق، بالإضافة إلى عدة مراكز اتصالات ومسيرات ورادارات بحرية ووسائل استطلاع للحوثيين بالإضافة إلى مخازن أسلحة.
وفي السياق، قال مسؤول في البنتاغون “إن الهدف من العمليات هو ضرب قدرات الحوثيين”، مردفاً” من الواضح أننا تمكنّا من تعطيل قدراتهم على شنّ هجمات معقّدة”.
كما أضاف “لا نعمل عسكرياً فقط بل اقتصادياً وسياسياً أيضا لدفع جماعة الحوثي إلى تغيير حساباتها”.
قدرات هائلة في البحر
وبالنظر إلى قدرات الطرفين، من الواضح أن الأميركيين وباقي الحلفاء يملكون قدرات هائلة في البحر، وقد تعمّدوا خلال الأسابيع الماضية القيام بأمرين في الوقت ذاته، الأول ضرب مواقع ومراكز للحوثيين من أجل تعطيل قدراتهم العامة، كما أطلقوا عمليات مسح جوّي مستمرة، قادرة على رصد تحركاتهم.
ففي اللحظة التي يضع فيها المسلحون الحوثيون الصواريخ على المنصات، يكونون مكشوفين للاستطلاعات الجوية وأجهزة الرصد الإلكتروني، فتقوم القوات الأميركية بضرب تلك الصواريخ قبل إطلاقها.
أما في حال تمكنوا من الإفلات من المراقبة، فتتصدّى لهم شبكة الدفاع الصاروخية المحمولة على عشرات السفن المنتشرة في خليج عدن والبحر الأحمر.
ترسانة كبيرة
إلا أنه لا يجب النظر إلى هذه الحصيلة على أنها حاسمة ضد الحوثيين، فتلك الجماعة تملك ترسانة ضخمة من الصواريخ والمسيرات وربما يتوجّب على الأميركيين أن يبقوا قواتهم الجوية والبحرية لأشهر طويلة قبالة السواحل اليمنية لمتابعة هذه العملية المكلفة والمرهقة، لاسيما أن الولايات المتحدة وحلفاءها يبذلون الكثير من الجهد والوقت والمال لمواجهة تهديدات الحوثي غير المتقدمة تقنياً.
رسالة إلى طهران
فيما أكد المسؤول الدفاعي الأميركي لـ العربية والحدث أن “هدف واشنطن ليس ضرب الحوثيين بل تعطيل قدراتهم على مهاجمة الملاحة الدولية، وأن في جوهر هذه العملية العسكرية رسالة إلى طهران بأن تطلب من الحوثيين وقف هجماتهم على السفن وتهديد الملاحة الدولية”.
الحصار الدولي
ومن الواضح أن الأميركيين وصلوا إلى لحظة في العمليات العسكرية يستطيعون من خلالها القول للحوثيين، والإيرانيين من ورائهم أن التهديدات لا تنفع، وضرب السفن لم ينجح، ومن الأفضل للحوثي أن يوقّف محاولاته.
كما أن الأميركيين مقتنعون أيضاً أن هناك إرادة دولية واضحة لمواجهة التهديدات الحوثية وأن العدد الهائل من الحشود الدولية في المنطقة سيمنع الإيرانيين من إيصال المساعدات العسكرية الإضافية إليهم.
فطريق البحر أصبح شبه مقفل أمام تهريب المعدات الإيرانية إلى الجماعة اليمنية.
مخازن حصينة
في المقابل أبدى عدد من المسؤولين السابقين في الحكومة اليمنية شكوكاً ضخمة. وقالوا في أحاديث منفصلة لـ العربية والحدث، إن الحوثيين يخبّئون أسلحتهم في مخازن حصينة، سيطروا عليها من الجيش اليمني عندما احتلّوا صنعاء.
كما رجحوا أن تكون تلك المخازن عصية على أي غارات أو محاولات تدمير من قبل الأميركيين.
كذلك أشاروا إلى أن “الحوثيين سيتمكّنون من الاستمرار في هذه المعركة لوقت طويل، لأنهم تعوّدوا على تقنيات الضرب والاختباء خلال السنوات الماضية، والأدهى أنهم باتوا يملكون إمكانيات تصنيع في مناطق سيطرتهم، وسيتمكنون بالتالي من إنتاج المسيرات من دون تهريبها من إيران.”
إلى ذلك، رأى المسؤولون اليمنيون أن الحوثيين تمكنوا خلال الأسابيع الماضية من رفع مستوى التأييد في الشارع فقط لأنهم قالوا إنهم يقصفون إسرائيل.
الاغتيالات
في حين اعتبر أحد المتحدّثين أن على الولايات المتحدة أن تعمل على مسارين في اليمن للانتصار على الحوثي، المسار الأول هو تصفية مجموعة خبراء يمنيين تدرّبوا في إيران، ويديرون العمليات الحوثية، أما المسار الثاني فتقديم دعم جدّي للقوات الشرعية اليمنية بما يؤهلها للإمساك بمناطق سيطرتها وحصار الحوثيين وخلق بديل ذي رصيد جيّد لدى اليمنيين.