هجوم موسكو.. محققون روس يدرسون دور دول غربية في تنفيذ أعمال إرهابية

بعد أيام قليلة من هجوم دام أودى بحياة 139 شخصاً على الأقل بقلب العاصمة موسكو، تسعى روسيا لتحميل أوكرانيا والدول الغربية الداعمة لها مسؤولية الهجوم على صالة الحفلات في موسكو، رغم تبني تنظيم داعش المجزرة.

وذكر محققون روس حكوميون، اليوم الأربعاء، أنهم سيدرسون طلبا من نواب برلمانيين بالتحقيق فيما أسموه “تنظيم وتمويل وتنفيذ أعمال إرهابية” ضد روسيا من جانب الولايات المتحدة ودول غربية أخرى.

ومن جانبه، كتب وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون على منصة “إكس” للتواصل الاجتماعي أن “ادعاءات روسيا بشأن الغرب وأوكرانيا في الهجوم على قاعة مدينة كروكوس هي محض هراء”.

وتسعى أجهزة الأمن التابعة للكرملين إلى تفسير كيفية تمكّن مسلحون، الجمعة، من تنفيذ أسوأ هجوم تشهده روسيا منذ أكثر من عقدين.

وبينما أقرّ الرئيس فلاديمير بوتين بأن “متطرّفين” نفّذوا الاعتداء، فإنه أشار إلى أنهم على صلة بأوكرانيا التي تتعرض لعملية عسكرية روسية بدأت قبل عامين.

وأفاد رئيس جهاز الأمن الفيدرالي “إف إس بي” ألكسندر بورتنيكوف، الثلاثاء، أنه في حين لم يتم تحديد هويات الأشخاص الذين “أمروا” بالهجوم، فإن منفّذيه كانوا متوجهين إلى أوكرانيا حيث كانوا سيحظون “باستقبال الأبطال”.

ونقلت وكالات أنباء روسية عن بورتنيكوف قوله “نعتقد أن التحرّك تم التحضير له من جانب متطرفين وبالطبع سهلته أجهزة استخبارات غربية، والاستخبارات الأوكرانية نفسها لديها صلة مباشرة بالأمر”، بحسب تعبيره.

ورفضت أوكرانيا بشدة الاتهامات الصادرة عن موسكو بشأن ضلوعها في الهجوم، واعتبر مساعد بارز للرئيس فولوديمير زيلينسكي أن الكرملين يسعى للتغطية على “عدم كفاءة” أجهزته الاستخباراتية.

يلاروسيا تقوّض رواية الكرملين

وبدا أن أقرب حليف دولي لروسيا، الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو، يقوّض رواية الكرملين الرئيسية، إذ أعلن أن المهاجمين حاولوا دخول بلاده قبل التوجّه نحو أوكرانيا.

وقال: “أدركوا أنه لا يمكنهم على الإطلاق دخول بيلاروسيا. لذلك، عادوا أدراجهم وتوجّهوا إلى جزء من الحدود بين روسيا وأوكرانيا”.

وعبّر الكرملين عن ثقته بأجهزة الأمن القويّة في البلاد في ظل التساؤلات عن كيفية فشلها في إحباط الهجوم رغم التحذيرات التي وصلت سواء علنا أو بشكل خاص من الولايات المتحدة.

وأكد تنظيم داعش مرارا منذ الجمعة، مسؤوليته، ونشرت قنوات إعلامية على صلة به تسجيلات مصوّرة ذات محتوى عنيف للمسلّحين داخل موقع الهجوم.

وأفاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الاثنين، بأن باريس تملك معلومات تؤكد وقوف متطرّفين خلف الاعتداء، محذّرا روسيا من استغلاله للإلقاء باللوم على أوكرانيا.

من جهته، صرح نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق، أن الأمم المتحدة لا تملك معلومات يمكن من خلالها التحقق أو تأكيد تصريح مدير جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، بأن أوكرانيا تقف وراء هجوم “كروكوس” الإرهابي بالعاصمة موسكو.

وقال فرحان حق في مؤتمر صحافي، الثلاثاء: “ليس لدينا المعلومات للتحقق من ذلك أو تأكيده”.

ضربة لبوتين بعد الانتخابات

وشكّلت مجزرة صالة الحفلات الموسيقية ضربة كبيرة لبوتين بعد أسبوع ونيف على إعلان فوزه بولاية جديدة في أعقاب انتخابات خاضها من دون منافسة واعتبرها الكرملين تعبيرا عن التأييد لعمليته العسكرية في أوكرانيا.

وقال بوتين لأول مرّة، الاثنين، إن “متطرّفين” يقفون وراء هجوم الأسبوع الماضي، لكنه سعى مع ذلك لربطه بكييف.

وبينما لم يقدّم أي أدلة، ربط بوتين الهجوم الذي استهدف صالة “كروكوس سيتي هول” بسلسلة توغلات في الأراضي الروسية نفّذتها مجموعات مؤيدة لأوكرانيا، وقال إن جميعها تندرج ضمن مساعي “نشر الذعر في مجتمعنا”.

حبس مشتبه به ثامن

في الأثناء، قررت محكمة في موسكو، الثلاثاء، حبس المشتبه به الثامن في الاعتداء.

وأعلنت موسكو في وقت سابق اعتقال 11 شخصا على صلة بالهجوم الذي اقتحم مسلحون بزي مموّه خلاله “كروكوس سيتي هول” وأطلقوا النار على الحاضرين وأضرموا النار في المبنى.

وذكرت خدمة الإعلام التابعة للمحكمة أن المشتبه به الأخير الذي وضع في الحبس الاحتياطي يتحدّر من قرغيزستان.

وأوضح مسؤولون أن الأوامر صدرت بإبقائه قيد الاعتقال حتى 22 مايو على أقل تقدير، من دون تحديد تفاصيل الاتهامات الموجّهة إليه.

أما الأشخاص الأربعة الذين تم توجيه الاتهامات إليهم بتنفيذ الاعتداء، فهم من طاجيكستان. كما تم توجيه اتهامات مرتبطة بالإرهاب لثلاثة مشتبه بهم آخرين بينهم مواطن روسي واحد على الأقل.

ولفت مسؤول تركي، الثلاثاء، إلى أن اثنين من المشتبه بهم المتحدرين من طاجيكستان تنقّلا “بحرية بين روسيا وتركيا” قبيل الاعتداء.

وأضاف أنهما مكثا فترة في تركيا قبل وقت قصير من وقوع الهجوم ودخلا روسيا على متن الرحلة ذاتها الآتية من اسطنبول.

وُجّهت تهم الإرهاب لجميع الموقوفين، علما بأنهم قد يواجهون أحكاما بالسجن تصل إلى مدى الحياة.

ولم يستجب الكرملين بعد للدعوات إلى إعادة فرض حكم الإعدام بعد الهجوم.

هجمات سابقة استهدفت روسيا

يذكر أن سلسلة من الهجمات المميتة هزت روسيا في أوائل العقد الأول من القرن الـ21.

ففي سبتمبر 2004، استولى حوالي 30 مقاتلا شيشانيا على مدرسة في بيسلان بجنوب روسيا واحتجزوا مئات الأشخاص كرهائن. وانتهى الحصار بعد يومين بحمام دم، وقُتل أكثر من 330 شخصا، نصفهم تقريبا من الأطفال.

وفي أكتوبر 2002، اقتحم المقاتلون الشيشان أحد المسارح في موسكو وأخذوا حوالي 800 شخص كرهائن في القاعة. وبدأت القوات الخاصة الروسية عملية لإنقاذ الأسرى بعد يومين، من خلال إخضاع المهاجمين أولا بالغاز المخدر. وقد قتل نحو 41 شيشانيا، فضلا عن 129 رهينة، معظمهم من آثار الغاز.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

ابحث في الموقع

ترجمة - Translate