تتعرض غزة لضربات إسرائيلية مكثفة، الاثنين، بعد 7 أشهر من اندلاع الحرب الطاحنة في القطاع، ومازال مكان اختباء زعيم حماس في غزة يحيى السنوار يقلق إسرائيل، ومازال البحث جار عنه بأنفاق غزة المتشعبة. ولاشك أن ظهور أنباء متضاربة عن تحديد مكانه على وجه الدقة، يقوض المبرر الإسرائيلي للعمليات العسكرية الكبرى في رفح.
وفي هذا الشأن، أفادت صحيفة “نيويورك تايمز” New York Times، نقلا عن مسؤولين أميركيين، بأن السنوار “لا يختبئ في رفح جنوب غزة”. ويقول مسؤولون أميركيون إن وكالات المخابرات الإسرائيلية تتفق مع التقييم الأميركي بأن السنوار وغيره من قادة حماس لا يختبئون في رفح، على الطرف الجنوبي من غزة.
وترجّح وكالات التجسس في البلدين، أن السنوار “لم يغادر أبدا شبكة الأنفاق تحت خان يونس، المدينة الرئيسية التالية في الشمال”، وفقا لمسؤولين أميركيين تحدثوا للصحيفة شريطة عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة تقييمات استخباراتية حساسة.
السنوار يختبئ بأنفاق خان يونس
وسبق أن نقلت “تايمز أوف إسرائيل”، عن مسؤولين مطلعين على الأمر أن تقييمات استخباراتية حديثة تشير إلى تواجد السنوار في أنفاق تحت الأرض في منطقة خان يونس، على بعد حوالي خمسة أميال شمالي رفح، بينما أكد مسؤول ثالث أن السنوار لا يزال في غزة.
وأشارت الصحيفة إلى أن السنوار ونائبه، قائد الجناح العسكري محمد الضيف، لايزالان بعيدا المنال، على الرغم من الادعاءات المتكررة من قبل المسؤولين الإسرائيليين بأن الجيش الإسرائيلي كان يضيق الخناق عليهما.
ولم يتمكن المسؤولان اللذان تحدثا إلى الصحيفة من تحديد مكان وجود السنوار بدقة حاليا، لكنهما استشهدا بالتقييمات الاستخباراتية التي تشير إلى تواجده تحت الأنفاق في خان يونس.
15 طابقاً تحت الأرض
وتبقى شبكة الأنفاق الواسعة التابعة لحماس أعمق تحت خان يونس، حيث تصل إلى 15 طابقا في بعض الأماكن، كما أن السنوار “محميّ أيضا من طرف مجموعة من الرهائن الإسرائيليين الذين يستخدمهم كدروع بشرية لثني القوات الإسرائيلية عن مداهمة موقعه أو قصفه”، حسبما أفاد مسؤولون أميركيون وإسرائيليون.
وجعلت إسرائيل من القضاء على السنوار عنصرا أساسيا في هدفها المتمثل في تدمير حماس.
ويعتقد مسؤولون أن وكالات الاستخبارات الإسرائيلية لديها معلومات جيدة أو أفضل عن موقع السنوار، لكنهم أصروا على أن الولايات المتحدة تشارك إسرائيل كل ما تعرفه.
وفي شهر فبراير، نشر الجيش الإسرائيلي لقطات لما قال إنه السنوار يسير عبر نفق مع العديد من أفراد الأسرة، وهي المرة الأولى التي شوهد فيها على ما يبدو منذ اختبائه قبل الهجوم المدمر في 7 أكتوبر الذي اتهم بتدبيره، ما أدى إلى اندلاع الحرب المستمرة في غزة.
ويحاول المسؤولون الأميركيون إقناع إسرائيل بكبح عمليتها العسكرية في رفح وما حولها، خوفا من الخسائر في صفوف المدنيين التي قد تنجم عن هجوم واسع النطاق على المدينة، التي لجأ إليها المدنيون الفلسطينيون ومسلحو حماس، وفقا للصحيفة.
نزوح وإجلاء
ونزح أكثر من مليون من سكان غزة إلى رفح منذ بدء الحرب قبل أكثر من سبعة أشهر لكن مسؤولين بالأمم المتحدة، قالوا الأحد، إن نحو 300 ألف فروا خلال الأسبوع الماضي وسط أوامر إخلاء موسعة ومخاوف متزايدة من أن إسرائيل قد توسع نطاق العملية العسكرية التي تستهدفها، بعد أن سيطرت بالفعل على المعبر الحدودي لرفح مع مصر.
ومنذ بداية الصراع، ظلت الولايات المتحدة تزود إسرائيل بمعلومات استخباراتية عن مسؤولي حماس، بما في ذلك السنوار والضيف. ويعتقد المسؤولون الأميركيون أنه إذا تمكنت إسرائيل من قتل أي من هذين الزعيمين الكبيرين، فستكون الحكومة الإسرائيلية قادرة على اعتبار ذلك نصرا رئيسيا واستخدامه كسبب لكبح العمليات العسكرية، حسبما أوردت الصحيفة.
ولا يعتقد المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون أن السنوار، الذي يُنظر إليه على أنه أحد مهندسي الهجوم على إسرائيل في 7 أكتوبر، أو غيره من كبار قادة حماس كانوا يختبئون في رفح، وفقا لما نقله بعضهم، وقالوا إن إدارة بايدن أبلغت الإسرائيليين أنه لا ينبغي استخدام ملاحقة السنوار كمبرر لشن هجوم على رفح.
واشنطن: هجوم واسع على رفح لن يقضي على حماس
هذا وحذّر وزير الخارجيّة الأميركي أنتوني بلينكن، الأحد، من أنّ هجوماً إسرائيلياً واسعاً على رفح سيزرع “الفوضى” من دون القضاء على حركة حماس، مقرا بأنّ عدد المدنيّين الذين قضوا في الحرب أكثر من عدد القتلى في صفوف الحركة الفلسطينيّة.
وزير الخارجية الأميركي تحدث في مقابلة مع شبكة “إن بي سي نيوز” NBC News، عن الحرب، وانتقد عدم وجود رؤية إسرائيلية لغزة بعد الحرب، قائلا إن واشنطن تعتزم تطوير هذه الخطة، كما أشار إلى أن حماس عادت إلى أجزاء في غزة كانت قد اجتاحتها إسرائيل، وأن هجوم إسرائيلي على رفح لن يقضي على الحركة.
يأتي ذلك فيما أعرب مستشار الأمن القومي الأميركي جايك ساليفان عن المخاوف نفسها خلال اتّصال الأحد مع نظيره الإسرائيلي تساحي هنغبي، بحسب بيان للبيت الأبيض.
وجاء في بيان البيت الأبيض أنّ “ساليفان كرّر مخاوف الرئيس بايدن القديمة بشأن احتمال شنّ عمليّة عسكريّة برّية كبيرة في رفح، إلى حيث لجأ أكثر من مليون شخص”.
وأكّد هنغبي أنّ إسرائيل “تأخذ في الاعتبار مخاوف الولايات المتحدة”، وفق الرئاسة الأميركيّة.
وقد أسفر الهجوم الإسرائيلي على غزة عن مقتل أكثر من 35 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، بحسب وزارة الصحة في غزة.