أطلق المتشددون الذين فقدوا السيطرة على السلطة التنفيذية بعد فوز الرئيس الإصلاحي مسعود بزشكيان، الصراع المبكر معه قبل أن يؤدي اليمين الدستورية أمام البرلمان نهاية الشهر الحالي.
إلى ذلك، أجرى المتشددون في الحكومة المنتهية ولايتها، تعيينات وإقالات متسرعة في الأيام المتبقية من عمر الحكومة.
رسالة الرئيس المنتخب إلى الرئيس بالإنابة
وفي رسالة إلى الرئيس بالإنابة محمد مخبر دزفولي، طالبه مسعود بزشكيان بالامتناع عن “إقالة وتعيين” أي مدير أو موظف جديد حتى إضفاء الطابع الرسمي على الرئاسة الجديدة.
وكان قد أفاد محمد صادق دستفروشان، عضو مقر مسعود بزشكيان، أنه تم فصل مديرين بسبب دعمهما للرئيس المنتخب خلال الانتخابات الرئاسية.
وذكر دستفروشان، في رسالة إلى بزشكيان، نشرت صورة لها في وسائل الإعلام المحلية، أن المدير التنفيذي لهيئة المطارات والطيران رضا ناخجواني، تجاهل توجيهات الرئيس بالإنابة محمد مخبر دزفولي بخصوص منع التعيينات والإقالات، فقام بعزل مديرين لأنهما أيدا الرئيس المنتخب في الانتخابات.
صراع مبكر بهدف المساومة
ويرى المحللون للشأن الإيراني أن هذه الإجراءات تشير إلى اندلاع صراعات مبكرة أشعلها التيار الأصولي المتشدد في الحكومة المنتهية ولايتها مع الرئيس المنتخب الذي يمثل التيار الإصلاحي.
وبدأ التيار الإصلاحي يعود إلى السلطة، وقد يشكل حكومة تضم أعضاء في حكومتي الرئيسين الأسبق والسابق محمد خاتمي وحسن روحاني.
ومن المتوقع أن تتسع رقعة الصراع بين التيارين نظرا لسيطرة الأصوليين على البرلمان الذي بيده “منح الثقة” للوزراء الذين يقترحهم مسعود بزشكيان.
ويرى محللون أن التعيينات والإقالات في اللحظات الأخيرة تهدف إلى فرض ترتيبات جديدة قبل تشكيل الحكومة المقبلة تسهل للمتشددين عبر البرلمان المساومة مع مسعود بزشكيان في مجال التعيينات التي سيجريها في الوزارات والأجهزة الحكومية.
وقال مصدر مطلع “يقود التعيينات والإقالات المساعد التنفيذي للرئيس في الحكومة المنتهية ولايتها محسن منصوري، وهو الذي ترأس المقر الانتخابي للمرشح الأصولي المتشدد سعيد جليلي ومعه رئيس المكتب الرئاسي في الحكومة الحالية غلام حسين إسماعيلي والرئيس بالإنابة لا يتفق معهما”.
بزشكيان: أوقفوا العقود والقرارات الجديدة
وأكد الرئيس المنتخب مسعود بزشكيان في رسالته إلى الرئيس بالإنابة محمد مخبر دزفولي: “بصرف النظر عن الإجراءات الاعتيادية والمدفوعات الجارية، يجب التوقف عن إبرام أو تنفيذ العقود الجديدة أو إنشاء أي التزامات بأي شكل من الأشكال (بما في ذلك إصدار القرارات الإدارية الملزمة)، وكذلك إقالة وتعيين الأشخاص وأي نوع من التوظيف أو استخدام الموظفين الجدد بأي شكل من الأشكال”.
وأضاف بزشكيان أنه “في الحالات التي لا مفر منها” يجب أن تتم أي حالة جديدة بإذن كتابي من الرئيس بالإنابة محمد مخبر.
وشدد بزشكيان في نهاية رسالته قائلا: “يجب إبلاغي بقرارات مجلس الوزراء للحكومة الـ13، والتي لها آثار مالية ولم يتم إبلاغي بها حتى الآن”.
الرئيس بالإنابة سبق الرئيس المنتخب بشأن رفض التعيينات
وفي تدوينة على منصة “إكس”، أشارت الناطقة الرسمية باسم المقر الانتخابي لبزشكيان، حميدة زر أبادي، إلى “التعميم الإداري المهم” للرئيس بالإنابة محمد مخبر دزفولي الموجه إلى كافة الأجهزة التنفيذية بشأن “عدم التغيير والتصرف في الهياكل التنظيمية ونقل الموارد البشرية”. وكتبت تقول: “على الرغم من صدور التعميم إلى كافة الأجهزة التنفيذية بالامتناع عن أي تغيير في الهياكل التنظيمية ونقل الموارد البشرية وغيرها، لحين تشكيل الحكومة الرابعة عشرة، إلا أن التقارير الواردة تفيد بصدور قرارات تعسفية في الأجهزة التنفيذية وفروعها، خلافا للقواعد وللتعميم المذكور”.
وكانت رسالة الرئيس المنتخب إلى الرئيس بالإنابة للحد من التعيينات تم إرسالها في الثامن من يوليو، في حين سبق أن بعث الرئيس بالإنابة نفسه تعميما إلى الأجهزة الحكومية بعدم اتخاذ أي إجراء بخصوص التعيينات في الثاني من يونيو، ونشرت صحيفة “همشهري” نسخة من تلك الرسالة.
ولكن يبدو أن دولة الظل التي كان قادها سعيد جليلي خلال فترة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي لا تكترث لا بتعميم الرئيس بالإنابة مخبر دزفولي ولا برسالة الرئيس المنتخب بزشكيان الداعمة له.
إلى ذلك علق وزير الاقتصاد في الحكومة المنتهية ولايتها، إحسان خاندوزي، على الدعوة لوقف تعيين وإقالة المديرين الحكوميين فأكد على أن الرئيس بالإنابة قد أصدر تعميما بهذا الخصوص.
ولكن بالرغم من التصريحات المطمئنة لكبار المسؤولين في الحكومة الراهنة بهذا الخصوص، يرفض أنصار الرئيس المنتخب ذلك، فعلى سبيل المثال، يشيرون إلى قيام وزير الداخلية أحمد وحيدي بتعيين مهدي جعفري في منصب مساعد الشؤون التنسيقية الاقتصادية في محافظة خراسان الجنوبية شرقي إيران.
كما عين هوشنغ بازوبند محافظ كرمانشاه غربي إيران، عبد الوحيد محمدي مديرا عاما لتنسيق الشؤون الاقتصادية في المحافظة.
وهكذا انطلق الصراع على السلطة من خلال تعيين مديرين جدد بغية دفع الرئيس الإيراني الإصلاحي إلى القبول بمطالب الأصوليين حول تركيبة الحكومة المقبلة.